كيف تتحدث إلى شخص يؤمن بنظرية المؤامرة؟
ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون كريس جيلبو (Chris Guillebeau)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية التحدث إلى الأشخاص الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة.
لكن لا يبدو أنَّ سرد الحقائق مفيد على الإطلاق؛ لأنَّه من الممكن أن يكون هؤلاء الأشخاص قد شاهدوا مقطع فيديو على يوتيوب (YouTube) قد أكد معتقداتهم الحالية، وحتى عندما تظهر الحقيقة لن يجدي الأمر نفعاً على الأقل بالنسبة إلى معظم الناس، ببساطة لأنَّهم يعيدون استخدام المعلومات الجديدة بطريقة تلائم معتقداتهم.
خلاصة القول إنَّنا جميعنا في حيرة من أمرنا وقد يبدو أنَّه من غير المعقول أن يقع كثير من الناس في هذه المشكلة، ويبدو أنَّه من الأصعب أن نرى مخرجاً من ذلك، لكن إليك ما توصلت إليه:
أولاً: ليس من الخطأ أن تكون متشككاً أو مرتاباً
تمثل عبارة “نظرية المؤامرة” مشكلة بحد ذاتها؛ فأشياء عديدة نبذناها ذات يوم لأنَّها غير معقولة أصبحت معروفة بصحتها الآن على نطاق واسع؛ إذ يوجد الآن دليل موثوق على وجود الكائنات الفضائية في مكان ما أو على الأقل قد يكونون موجودين فعلاً وأنَّ حكومة الولايات المتحدة (U.S) قد حجبت المعلومات المتعلقة بهذا الأمر عن الناس لعقود عديدة.
كذلك تراقب شركات التكنولوجيا مثل غوغل (Google) وفيسبوك (Facebook) اتصالاتك الخاصة وتشاركها مع الحكومات في أنحاء العالم جميعه.
توجد عدة أمثلة أخرى، ولكن بالطبع يوجد أيضاً كثير من “نظريات المؤامرة” المغلوطة والضارة، ولمجرد أنَّ بعض الأشياء قد اتضح أنَّها صحيحة لا يعني أنَّ كلَّ شيء “يخبروننا به” خاطئ.
ثانياً: تعتمد نظريات المؤامرة على بعضها بعضاً ومن الصعب الخروج منها
إليك شيء تعلمته في أثناء البحث في هذا المقال المؤشر الأول إذا كان شخص ما يؤمن بنظرية المؤامرة، فهو يؤمن بأيَّة نظرية مؤامرة أخرى بمجرد أن يتورط شخص ما بهذه الأمور، فإنَّه سيغرق فيها أكثر (يتحمل كلٌّ من يوتيوب وفيسبوك بعض اللوم الحقيقي على ذلك؛ نظراً لأنَّ الخوارزميات الخاصة بهما مبنية على التلاعب بـ “الاندماج” فوق أيَّة قيمة أخرى).
تعزز المعتقدات القابلية للتأثر كما كتب الكاتب الإنجليزي آلان مور (Alan Moore): “الشيء الأساسي الذي تعلمته عن نظرية المؤامرة هو أنَّ أصحاب نظريات المؤامرة يؤمنون بالمؤامرة لأنَّه أمر مريح بالنسبة إليهم، إنَّ حقيقة العالم مشوشة بالفعل؛ فالحقيقة لا تعكسها أفكارٌ تتحدث عن المتنورين أو نظرية الرماديون؛ بل الحقيقة مخيفة أكثر من ذلك بكثير ولا أحد يستطيع التحكم بهذه الأمور؛ إنَّ العالم مكان مجهول”.
لذلك من المنطقي أن يشكك الناس في بعض الأمور وربما من المريح الاعتقاد بأنَّ شخصاً ما في مكان ما يتلاعب بكلِّ شيء، ولكن يبقى السؤال: كيف تتحدث مع شخص يؤمن بنظرية المؤامرة؟
شاهد: 7 خطوات سهلة لخوض نقاش واعٍ
إليك خمس أفكار:
1. فهم العواطف الكامنة وراء معتقداتهم:
لقد قيل لهم في وقت سابق أنَّهم غير مرحب بهم، فصدقوا ذلك، والآن يوجد مجتمع كامل يرحب بهم ويحبهم؛ لذلك تجدهم يؤمنون بنظرية المؤامرة.
2. طرح الأسئلة:
إليك سؤال واحد بسيط يمكن طرحه عليهم، وهو: “هل تؤمن بذلك حقاً؟”، من المثير للدهشة أنَّه غالباً ما تكون الإجابة: “لست متأكداً”، إذاً: سأعيد صياغة السؤال: هل من المعقول أن يكون الشيء الذي وجدته عبر الإنترنت خاطئاً تماماً؟ (قد يكون من المفيد تذكير الناس بلطف بمبدأ نصل أوكام (Occam’s razor)؛ أي كيف أنَّ الإجابة الأكثر احتمالية هي أبسط الإجابات).
3. إيجاد قواسم مشتركة:
مرة أخرى، القول أسهل من الفعل في بعض الأحيان؛ ولكنَّه أمر هام، فإذا كنت لا تثق في الحكومة فهذا أمر مفهوم، وإذا كنت قلق بشأن صحة طفلك فهذا أمر مفهوم أيضاً؛ ولكنَّنا نميل إلى الاختلاف فيما يجب القيام به تجاه هذه الأشياء، ولكن قد نبدأ أيضاً بافتراض أنَّ معظم الناس ليسوا مخادعين عمداً.
4. عدم لومهم إذا اقتنعوا برأيك بعد مخالفتهم لك:
سيغير بعض الناس رأيهم في مرحلة ما في حياتهم؛ ويقومون بذلك فقط في الوقت المناسب لهم؛ لذلك إنَّ الترحيب بهم أفضل بكثير من لومهم، كما أنَّ عبارة “لقد أخبرتك بذلك” ليست مفيدة؛ بل إنَّ عبارة: “يسعدني حقاً عودتك إلى جادة الصواب” أفضل بكثير.
5. تعلُّم كيفية فصل القيم عن المعتقدات:
إنَّ أفضل حكمة قد عثرت عليها قالها المؤلف جوناثان فيلدز (Jonathan Fields)؛ إذ أخبرني جوناثان أنَّه تعلم فصل القيم عن المعتقدات؛ بمعنى آخر إذا قمت ببناء علاقات قائمة على القيم المشتركة فقد تواجه أحياناً معتقدات متعارضة مع معتقداتك، وإذا بقيت قيمك متوافقة ستكون حينئذٍ على استعداد لقبول فكرة أنَّ معتقدات الشخص الآخر قد لا تتغير أبداً.
القيم والمعتقدات:
هذه الفكرة الأخيرة هي الفكرة التي فكرت فيها كثيراً؛ لأنَّك إذا لم تتمكن من إقناع شخص ما برأيك فماذا يمكنك أن تفعل؟ ببساطة يمكنك صرف النظر عنه بالكامل أو استيعابه.
أدركت أيضاً عند التفكير في هذا الأمر خطأً اقترفته بنفسي، فلطالما رغبت في الكتابة للقراء الذين يشعرون أنَّهم منبوذون أو الذين يساء فهمهم، وفي التسرع في الحكم على بعض القضايا (حتى عندما يكون حكمي صحيحاً) قد أقوم بإقصاء بعض الناس دون داعٍ، وأنا لا أريد أن أفعل ذلك.
لكي أكون واضحاً هذا لا يعني أنَّك أنت أو أنا أو أيُّ شخص آخر يجب أن يخجل من مشاركة معتقداته الشخصية، فأنت ما زلت بحاجة إلى أن تكون صادقاً مع نفسك وأن تتجنب الحياد في القضايا الأخلاقية لعصرنا وما إلى ذلك، ولكن من المجدي التمييز بين القيم والمعتقدات.
في الختام:
يتشبث الأشخاص الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة بآرائهم ومعتقداتهم؛ ويضيفون إليها بُعداً عاطفياً، فإذا كنت تهتم لأمرهم ولا ترغب في قطع علاقتك معهم، فعليك أن تفهم وجهة نظرهم وكيف تكونت لديهم.
ما يزال بإمكانك أن تأمل أن يغيروا رأيهم – ولا سيما في المواقف التي تكون فيها المخاطر كبيرة، ويكون لخياراتهم الشخصية عواقب على أيِّ شخص آخر – ولكن إذا كنت تتوقع منهم أن يفعلوا ذلك بطريقتك أو وفقاً لجدولك الزمني فستصاب بالإحباط فقط.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.