حظره الفاتيكان لـ3 عقود.. ترجمة عربية لكتاب “المقالات” للفرنسى مشيل دو مونتينى
هؤلاء العظماء وغيرهم الكثير ممن هم في طبقتهم، جميعهم دانوا لهذا الكتاب بالفضل في أدبهم وفلسفتهم؛ بعضهم -مثل مونتسكيو- احتفظ بنسخة نفيسة منه في خزانته حتى وفاته، والآخر -مثل نيتشه- دأب على قراءته طوال مدة حياته.
ولد ميشيل دي مونتين فى 28 فبراير 1533 ورحل عن عالمنا فى 13 سبتمبر 1592، ويعد أحد أكثر الكتاب الفرنسيين تأثيرًا في عصر النهضة الفرنسي. ورائد المقالة الحديثة في أوروبا. وكان يقلد اليونانيين والكلاسيكيين في عادتهم في رصف الحكم والأمثال في ثوب مسجوع، وتأثر كثيراً بكتابات أرسطو، ولكنه تفرد بأسلوبه المرسل، وظهرت شخصيته بوضوح.
يشتهر ميشيل دي مونتين بمقالاته التي نُشرت في ثلاث مجلدات، ودرس الكثير من الأدب اليوناني واللاتيني القديم، وشاء أن يفكر مشاهير زمانه في النسج على منوال بعض أبطال اليونان وروما في حياتهم. وكان من رجال حاشية الملك شارل التاسع ملك فرنسا ردحاً من الزمن.
كانت كتاباته الأولى خلاصة لفترة من العزلة فرضها مونتين على نفسه ليعيش حياة يرف عليها الهدوء وتخصبها القراءة. وكانت هذه الخلاصة انعكاسًا لعدة عوامل أثرت في هذه التجربة الذاتية لمونتين : كثقافته وعزلته وتأملاته وعنايته بالأدب عنايته بمشكلات عصره الفكرية والاجتماعية، فتداخلت هذه العوامل وظهر انعكاسها عندما بدأ مونتين الكتابة عام 1571.
مرت كتابات مونتين بمراحل تأثر فيها ببعض التيارات الأدبية إلى أن وصل مرحلة التطور التي أبدع فيها هذا الفن الجديد من الكتابة، أي فن المقالة، فكان له فضل الريادة فيه، حيث كانت سنة 1580 هي سنةَ ميلاد المقالة على يد مونتين بعد ما يقارب عشر سنوات، حيث جمع ما كتب في هذه السنوات وعدته أربع وتسعون مقالة، ونشرها في جزئين سماها محاولات، وكان في هذه المحاولات مغلّبًا للعنصر الشخصي على العناصر التي ترفده من قراءاته المختلفة، وكانت حديثًا عن تجاربه الخاصة مدعَّمًا ببعض الأقوال المأثورة والحكم التي تأتي دون قصد، وكانت فيضا من التأملات العميقة والتجارب الشخصية الصادقة؛ ولهذا عدَّ مونتين رائدًا لفن المقالة بعامة، ولنوع من أنواعها وهي المقالة الذاتية بخاصة، وبهذا نشأت نشأة ذاتية.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.