جمال القرآن.. “فرحين بما أتاهم الله من فضله” بلاغة فرحة عطاء الله للمؤمنين
يحمل القرآن الكريم صورًا جمالية وجملاً بلاغية عميقة، جعلت من معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم نص فنى، يحمل آيات زينها الحسن والإبداع والإتقان، يعجز أن يكتبها أكبر الشعراء، تحمل مفاهيم وإشارات ودلالات من رب العالمين.
وواحدة من آيات القرآن الكريم، التي تحمل صورا بلاغية رائعة، ونجد فيها تصويرًا فنيًا بديعًا، (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، (سورة آل عمران: 170).
كلمات الله تعالى السابقة تحمل تصويرا بلاغيا رائعا عن مدى تأثير فرحة المؤمن بوعد الله، السعادة نتيجة ما من الله عليهم من نعم وكرم وعطاء لا حدود له، وأن هؤلاء لا خوف عليهم فيما يستقبلون من أمور الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
وشرح المعنى كما ورد في التفسير الوسيط: قد غمرتهم السعادة، وشملتهم الفرحة، بما مَنَّ الله عليهم من فضله، ويأملون وينتظرون أن يلحق بهم إخوانهم الذين بقوا في الدنيا، أنهم إن قتلوا في الجهاد فسينالون من الفضل مثلهم، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
ووفقًا لتفسير السعدى، {فرحين بما آتاهم الله من فضله}- أي: مغتبطين بذلك، قد قرت به عيونهم، وفرحت به نفوسهم، وذلك لحسنه وكثرته، وعظمته، وكمال اللذة في الوصول إليه، وعدم المنغص، فجمع الله لهم بين نعيم البدن بالرزق، ونعيم القلب والروح بالفرح بما آتاهم من فضله: فتم لهم النعيم والسرور، وجعلوا { يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم }- أي: يبشر بعضهم بعضا، بوصول إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم، وأنهم سينالون ما نالوا، { ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون }- أي: يستبشرون بزوال المحذور عنهم وعن إخوانهم المستلزم كمال السرور.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.