البحث عن الأرشيف الضائع.. كيف يهتم المثقفون بحفظ تراث مصر
البحث عن تراث مصر أمر مهم ويستحق الكثير والكثير من الاهتمام، وانشغال المثقفين به أمر ضروري، ومؤخرا نشر الكاتب والناقد السينمائى عصام زكريا مقالة بعنوان ” البحث عن الأرشيف الضائع: أهل القمة.. تلف وضياع” على موقع باب مصر، ألقى الضوء فيه على قضية مهمة تتعلق بضياع التراث وكيفية حمايته.
ومما قاله عصام زكريا تحت عنوان داخلي في المقال “فيلم يتلف كل يوم”: قد يعتقد القارئ أنني أبالغ حين أقول إن هناك فيلما من أفلام السينما المصرية يتلف كل يوم. بما في ذلك نسخ النيجاتيف المحفوظة في ثلاجة مدينة السينما، فالثلاجة لا تحمي الأفلام إلى الأبد، ولا سبيل لإنقاذها سوى تحويلها إلى نسخ رقمية قبل أن تتحلل تماما. ولكن ليعلم القارئ أن هذه هي الحقيقة على الأرض، وأن كل يوم يمر دون أن تنقذ هذه الأفلام يعني أنها تزداد تلفا وتحللا.
وتساءل عصام زكريا :
هل يعقل أن مصر حتى الآن لا يوجد بها معمل محترم لترميم النيجاتيف. وأن كل ما هناك ماكينة أو اثنتين لغسل النسخ البوزيتيف، وماذا يفعل الغسل لنسخ ممزقة متحللة؟
طيب هل يعقل أننا نلف حول أنفسنا منذ أربعة عقود بحثا عن أرشيف للسينما يعمل على البحث عن، وترميم، وحفظ الأفلام، بحجة أننا ليس لدينا ميزانية كافية؟ وهل يعقل، طيب، أننا لم نهم إلى الآن بتوقيع اتفاق مع فرنسا. التي تملك واحدا من أقدم وأفضل أرشيفات الأفلام، والتي عرضت علينا مرارا وتكرارا التعاون لإنشاء أرشيف مصري وترميم الأفلام على نفقتها. مقابل الحصول على نسخ تحتفظ لنا بها في أرشيفها؟ ولو لم تعجبنا فرنسا هناك غيرها. ولو وجهنا نداء إلى اليونسكو لإنقاذ تاريخ السينما المصرية كما فعل مع آثار أبي سنبل الغارقة لأسرع المجتمع السينمائي الدولي بالتدخل لإنقاذ كثير من هذه الأفلام.
وتحت عنوان “الورق أسوأ حالا” قال “زكريا” الأفلام طبعا هي أغلى مقتنيات السينما، ولكن الاهمال لا يقتصر على الأفلام، وما يتعرض له الأرشيف الورقي أسوأ. وقد كتبت منذ أسابيع عن مقتنيات نور الشريف التي تباع على الرصيف منذ عام ولم تزل. والأسبوع الماضي نزلت إلى الأرصفة مقتنيات فنان آخر هو سمير صبري الذي تعرض أوراقه الشخصية وعقود أفلامه وصوره الفنية والشخصية الآن لمن يرغب في شرائها قطاعي أو بالجملة. وكل ما حدث كرد فعل على تشرد مقتنيات نور الشريف كان عاصفة في فنجال، كما يقال، طالما أنه لا يوجد مؤسسة لها سلطة وميزانية ومبنى مناسب وخطة لجمع وأرشفة هذه المقتنيات.
وأول خطوة يجب أن تتخذ في هذا الاتجاه هو تشكيل لجنة يشارك فيها متخصصون أجانب، وأشدد على ذلك، متخصصون أجانب، كما نفعل مع الآثار. لجرد وفحص الثلاجة ورصد ما تحلل وما تلف تماما وما يمكن إنقاذه من الأفلام.
وفى باب الاهتمام بالتراث كان اليوم السابع، قد أطلق حملة بعنوان “لن تضيع.. حفظ تراث رموز مصر ” لحماية تراث رموز مصر، قادها الكاتب الصحفى وائل السمري، رئيس التحرير التنفيذي، وقد تجاوب معها عدد كبير من الشخصيات العامة المصرية وأبناء المثقفين والفنانين، كما رعتها وزارة الثقافة المصرية.
وقد أصدرت حملة لن يضيع أصدر بيانا فى هذا الشأن جاء فيه:
لا يختلف اثنان على أن الفن والثقافة والإبداع من أهم عوامل قوة مصر وشعبها، حيث تشكل تلك القيم النبيلة “رأس المال الرمزي” لمصر على مر العصور، فمصر حاضرة فى الوجدان العالمى دائمًا وأبدًا بفضل منجزها الحضاري، ومصر حاضنة دائمًا وأبدًا لكل ما هو جميل بفضل ميراثها الجمالى المتجدد، ولعل هذا هو السبب الرئيسى فيما نراه من حزن كبير حينما يضيع تراث فنان ما أو تختفى آثاره، وفى الذاكرة القريبة ما حدث ما الفنان الكبير الراحل “سمير صبرى” وفى الذاكرة البعيدة عشرات بل مئات الأسماء التى عانت من نفس المصير.
آن الأوان أن تنتهى تلك الحالة من الاضطراب والتشتت.
آن الأوان أن يتكاتف الجميع من أجل الحفاظ على تراث رموز مصر المادى والمعنوى.
آن الأوان لوقف هذا النزيف.
من أجل هذا يطلق “اليوم السابع” أكبر حملة للحفاظ على تراث رموز مصر من فنانين ومبدعين ومثقفين ورياضيين وعلماء وأكاديميين، ونحن إذ نحاول أن نتتبع آثار هؤلاء فى كل مكان إنما نتتبع آثار وطن أثر فى عالمه وتأثر به، وتراث أمة صاغت وجدانها بما استطاعت من الجمال سبيلاً.
فى هذه الحملة نحاول أن نقدم التقدير للأحياء، ونقدم التكريم للراحلين، ونقدم وطننا لأجيال مقبلة ربما لم تتح لها فرصة للاطلاع على رموز مصر عن قرب.
فى هذه الحملة سنحاول أن نشكل وعيا جديدا بأهمية تراث الفنانين الذى يعد شهادة على عصرهم وشهادة لعصرهم، كما سنحاول أن نتعاون مع الجميع من أجل أن نقف صفا واحدا ضد الابتذال.
فى هذه الحملة نأمل أن يعى الجميع أن تراث الفنانين هو تراث لمصر فى النهاية، وأن الدولة المصرية أولى به، لأنها باقية ما بقى الزمان، ومن حق فنانيها أن يصيروا كذلك، ومن حق الأجيال القادمة أيضا أن ترى على جمالها وفنا دليلا.
فى تلك الحملة سنقدم الاقتراحات، ونناقش الأفكار، ونقترح الحلول، ونتبنى المشروعات ونطرق كل الأبواب، وسنراعى أن نستمع إلى كل الأطراف، وأن نصل إلى نتيجة يرضاها الله وينعم بها الوطن.
أنت مدعو أن تشارك معنا فى تلك الحملة.
نعم أنت..
كل مصرى مدعو، كل محب لمصر مدعو، كل الفنانين والمثقفين والسياسيين والمهنيين فى كل مكان وزمان مدعو
والله والوطن من وراء القصد
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.