أولاد الذوات أم أنشودة الفؤاد أم شجرة الدر.. معركة أول فيلم ناطق فى مصر
بدأت السينما في مصر مبكرًا، ومرت بجميع المراحل التي مرت بها السينما في العالم، من الفيلم الصامت إلى الفيلم الناطق، لكن ماذا عن أول فيلم ناطق في مصر، هل هو فيلم شجرة الدر أم فيلم أولاد الذوات؟ وهل هناك فيلم ناطق وآخر نصف ناطق؟
فيلم أولاد الذوات
عرض فيلم “أولاد الذوات” للمرة الأولى بالسينما المصرية فى 14 مارس 1932، ليفتح الطريق أمام الأفلام السينمائية الناطقة، لكن خلافا كبيرًا حول كون الفيلم سالف الذكر هو أولى الأفلام العربية الناطقة، وبين فيلم “أنشودة الفؤاد”، وإذا ما كان الأخير سبق الأول فى العرض.
وفيلم أولاد الذوات من بطولة يوسف وهبى، ودولت أبيض، وسراج منير، وأمينة رزق، وأنور وجدى، والفيلم من إخراج المخرج محمد كريم.
أولاد الذوات
وبحسب كتاب “يوسف وهبي: سنوات المجد والدموع” للكاتبة والإعلامية رواية راشد، أن الفنان الكبير الراحل يوسف وهبى، كان يسابق الزمن، هو وصديقه محمد كريم، ليكون له السبق الأول فى إنتاج وتمثيل أول فيلم مصرى ناطق، بعد أن علم أن جورج أبيض تعاقد مع “إدموند وجبريل نحاس” على تمثيل فيلم بعنوان “أنشودة الفؤاد” مع المطرية “نادرة“.
ويقول كتاب “تراث مصرى” لـ أيمن عثمان:
لم يسلم فيلم أولاد الذوات أول فيلم مصرى ناطق 1932 من يد الرقيب بعد الضجة التى أثارها فى فرنسا، والفيلم مقتبس عن أحداث حقيقية “شاب مصرى ثرى تزوج من فرنسية مستهترة، خانته واستولت على أمواله، ففقد عقله، كان مقررا أن تقوم الفنانة “بهيجة حافظ” بدور البطولة النسائية، ولأسباب فنية سُحِب منها الدور لصالح الفرنسية “كوليت دارفوى” وأثناء عروضه الأولى فى دور السينما هاجمته الصحف الفرنسية، واتهمت صُنَّاعه بالتعصب، وكتبت إحدى الصحف: “إذا تركنا جانبًا الوِجهة الفنية لفيلم أولاد الذوات، وهى تُعَد عتيقة مضحكة، فنحن نجد أن الفيلم مثال أفلام روسيا الشيوعية التى تترك الفن للفن وتقصد الدعاية، فقد أرادوا به أن يروّجوا الدعوة لدى المصريين لكراهية المرأة الأوربّية وبخاصة الفرنسية، فمثلوها فى هذا الفيلم تخرب البيوت وتقود الرجل ضحيتها إلى الدمار وإلى الجريمة فالموت.. ولكى يستكملوا المظاهرة، وضعوا بطريقة كأنها عبث الأطفال جميع الرذائل وضروب الخسة فى شخص تلك المرأة، وعهدوا بهذا الدور للمدموازيل كوليت دارفوى“.
خشى قلم الرقابة أن يتسبب الفيلم فى أزمة دبلوماسية مع فرنسا، فمنعوه وفق البند الخامس من الممنوعات الخمس “منع ما يؤدى إلى مشاكل سياسية أو دولية” حتى إشعار آخر“.
ردَّ يوسف وهبى على الحملة الصحفية الفرنسية على الفيلم فقال: “إنها لو عنيت بتفهُّم قصة الفيلم ما عنيت بتشويه الحقائق، لأدركت أن جوليا العشيقة الأجنبية فى الرواية لم تكن من الأُسَر الفرنسية الراقية، بل كانت من نساء صالات الرقص والكباريهات كما جاء على لسان زوجها الدكتور أمين، وكما جاء فى سياق القصة من أنها عادت إلى باريس مع عشيقها حمدى بجواز سفر مزوّر، وأنها كانت تدعو حثالة اللاعبين والطامعين لسرقة وابتزاز أموال عشيقها“.
وكتب أيضًا: “إن شخصية جوليا التى ظهرت فى فيلمى لها شخصيات مماثلة فى جميع الأفلام التى تخرجها فرنسا نفسها، فضلًا عن أفلام باقى الدول الأوربّية والأمريكية.. ومع ذلك حول هذه الأفلام أية حملة صحفية لأنها أظهرت امرأة من أية دولة فى مظهر ينم عن الاستهتار والتهتك كما قامت بدور جوليا ممثلة فرنسية لها مكانتها.. فلو أنها وجدت فى الدور ما يسيء إلى سمعة المرأة الفرنسية لما قبلته“.
ومع مرور الوقت هدأت الحملة الشرسة على أول فيلم مصرى ناطق، وعاد لدور العرض فى السينما، وكانت الانطلاقة الأولى للسينما الناطقة، وشهادة انتهاء صلاحية الأفلام الصامتة.
فيلم أنشودة الفؤاد
فيلم أنشودة الفؤاد من إنتاج سنة (1932)، ويعد أول فيلم غنائى، حيث ظهرت فيه المطربة نادرة، وعرض فى 14 من شهر أبريل عام 1932، وهو أول فيلم مصرى موسيقى غنائى، والذى كتب أغانيه الكاتب الكبير عباس محمود العقاد.
والفيلم من إنتاج الأخوين بهنا بالاشتراك مع شركة نحاس وشركاه التى تكونت من مصور القصر الملكى مسيو دوريس، ورجل الأعمال إدمون نحاس والمخرج الايطالى ماريو فولبي، الذى تولى مهمة إخراج الفيلم.
والفيلم تم تصويره باستديو هات جومون بباريس، وشارك فيه عدد من النجوم المصريين على رأسهم المطربة نادرة والمسرحى الكبير جورج أبيض، ونادية، والشيخ زكريا أحمد.
أنشودة الفؤاد
وكانت فكرة الفيلم الأساسية وقصته تدور حول رجل ثري يحب راقصة أجنبية وأيضًا يقع شخص أخر يعمل عند الرجل الثري في حب هذه الراقصة مما يؤدي إلى شك زوجته التي تشتكي لأخوها الذي يقوم بالنقاش مع زوج أخته وينتج عن هذا النقاش إطلاق طلق ناري على أخو الزوجة وهروب الزوج وموت الزوجة بعد إنجابها بنتًا.
ويقول كتاب “سلطة السينما – سلطة الرقابة” لـ أمل عريان فؤاد “ولكن لم يحقق الفيلم النجاح المطلوب والآمال المرجوة والمكاسب المتوقعة منه، وكان من أسباب ذلك الإخفاق عدم التفريق بين الغناء فى الواقع والغناء فى السينما، فالأغنية الشرقية فى ذلك كانت محتفظة بقواعدها وتقاليديها الراسخة، ومن أهمها التكرار وبطء الأداء والتطريب، بالإضافة إلى اللزمات التى يرددها التخت والمقدمة الموسيقية الطويلة والتى تسمى بالدولاب، لذلك ظهرت المطربة على الشاشة تغنى وكأنها فى حفلة خاصة، فقد بدأت بهز رأسها وإعادة المقاطع للتطريب، كل ذلك أصاب المشاهدين بالضجر، لذا كان من الطبيعى أن يخفق الفيلم بهذا الشكل، مما دفع الأخوان بهنا لترك ميدان الإنتاج، غير أنهما عملا بعد ذلك على تمويل الأفلام التى تنتجها شركات أخرى، واستطاعا أن يؤسسا أول شركة لتوزيع الأفلام بالشرق “منتجات بهنا فيلم”.
فيلم شجرة الدر
صادف اليوم 26 فبراير عرض أول فيلم مصرى ناطق وهو “شجرة الدر” وتم عرضه سنة 1935م فتم عرضه فى دار سينما مسرحالأزبكية بالقاهرة، وسينما “جومون بالاس” فى محافظة الإسكندرية.
أشارت العديد من المصادر أيضًا لفيلم “أولاد الذوات”، تم تصنيف على أنه نصف ناطق ولكن شجرة الدر كان أول فيلم ناطق كامل.
قدمت الفنانة آسيا داغر بدور البطولة ولعبت دور “شجرة الدر”، ومارى كوينى فى دور “سلامة”، وعبد الرحمن رشدى فى دور “عز الدين”،كان الفيلم من سيناريو وحوار وإخراج أحمد جلال، عن قصة الأديب اللبنانى جرجى زيدان.
شجرة الدر
وعن قصة الفيلم فهى تدور أحداثه في القرن الـ 13 الميلادى حيث تستحوذ الجارية التركية “شجرة الدر” على قلب “الملك الصالح”،فيتزوجها لتتدخل في شئون البلاد وترسم وتخطط المكائد والخطط عند نشوب الحرب ضد الصلبيين، وعندما يموت الملك الصالح أثناء الحربفتخفى خبر موته حتى لا يهتز الجند في المعركة وتظل تحكم وتأمر باسمه حتى تم النصر على الصليبيين، ثم بعدها تعلن خبر موت الملك الصالح حتى يجيئ ابنه من زوجته الأولى ويدعى “طوران شاه” ليحكم خلفًا لأبيه، لكنه كان لا يحب شجرة الدر، لكن عز الدين أبيك كبيرالمماليك يؤيد شجرة الدر، فيقتل طوران شاه مع رجاله، وتتزوج شجرة الدر من عز الدين أبيك وتتوج شجرة الدر ملكة على عرش مصر إلاأنها تجد عز الدين أبيك يمثل عقبة لها في الحكم فتؤجر من يقتله .
ثم بعد ذلك تعود سلامة زوجة عز الدين أبيك الأولى حتى تنتقم من شجرة الدر، وتراسل الخليفة في بغداد حتى يصدر أمره بخلع شجرةالدر، فيوفد الخليفة رسوله، وتخلع المرأة نفسها عن العرش، وتستطيع سلامة شراء حراس شجرة الدر لتنفرد بها وتقتلها في عقر ملكها وتكون نهاية شجرة الدر التي بقى اسمها في أوراق التاريخ.