ومضات تاريخية .. الملك إخناتون نادى بالتوحيد وحكم مصر 17عامًا
وعندما تولى “إخناتون” عرش البلاد وجد الأمور مهيأة بعض الشيء لعبادة إله الشمس وحده، ورمز له بقرصها الذي سماه “آتون”، وقال عن معبوده: “إنه القوة الكامنة وراء هذا القرص، وإنه واحد لا شريك له”، وبنى له في بادئ الأمر معبدًا في “طيبة” عاصمة الملك، فلم يغضب ذلك كهنة “آمون رع”، لأن معبودهم “آمون رع” يمثل إله الشمس أيضًا، ولكن الذي أحفظهم إصرار “إخناتون” على عبادة إلهه وحده، وتحريم عبادة “آمون” وغيره من الآلهة الأخرى، ولقد أفلح في نشر مذهبه في طول البلاد وعرضها، وفي القضاء على المذاهب الأخرى بدون كبير عناء” مما يدل على أن الأذهان كانت مستعدة لقبوله، وعلى أن للفرعون قداسة.
وقد بنى “إخناتون” عاصمته الجديدة “إختاتون” في سرعة، وكانت البيوت الأولى لعظماء الدولة ورجال البلاط على طراز صحي فاخر، وقد استوفى وسائل الراحة والترف، وقد عمد كل موظف إلى نقش اسمه وألقابه على واجهة بيته بجانب أدعية للإله «آتون»، وبعد أن استقر المقام بعلية القوم توافد الصناع تدريجًا على العاصمة الجديدة، فاتخذوا مساكنهم في الفضاء المتخلف بين منازل كبار الموظفين، ومن هنا ترى في هذه المدينة القصر المنيف يسكنه الوزير بجانب الكوخ الحقير يأوي إليه الصانع الصغير، ولقد سمى الكاشفون الأحداث شوارعها باسم أعظم بيت فيها؛ فسموا شارع الوزير، وشارع رئيس الكهنة وهكذا.
حكم “إخناتون” 17 عاما، ساءت فيهم أحوال البلاد اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، لأنه اهتم فقط بنشر مفهومه الجديد للألوهية، واصطدم بالثقافة الموروثة من عقود الصراع الدينى، وبمؤامرات الكهنة، مما تسبب فى ضياع الكثير من ممالك مصر، وسمح للولاة فى الأمصار البعيدة بكثير من التمرد.
فقد رحل إخناتون بعد أن حكم ثمانية عشر ربيعًا إلا قليلًا، ولا يعرف إن كان قد مات حتف الأنف على فراشه أو اغتاله المتآمرون بعد أن غفلت عنه عين العناية التي كانت تحرس، ورحل بعد أن وضع سياسة دينية قويمة، وبعد أن خطا بالعقيدة خطوات موفقة.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.