وائل السمري يفوز بجائزة نقابة الصحفيين فرع الصحافة الثقافية
وفاز وائل السمري بموضوعه “قيامة قاموس مجهول.. الكشف عن قاموس “الكنى والألقاب” بخط يد صالح جودت” والذي نشره بتاريخ 30 نوفمبر 2021.
كان القاموس المجهول كما يصفه وائل السمري بأنه “كتاب نادر” ثم عرف صاحبه صالح جودت ووصفه بـ الكاتب الكبير صاحب الباع الطويل فى المجتمع المصرى سياسيا وأدبيا وقانونيا، عضو الجمعية الملكية للاقتصاد والتشريع وأحد مؤسسى “الرابطة الشرقية” التى كانت من أهم الجمعيات الفكرية والاجتماعية فى القرن الماضى، وعضو الجمعية الجغرافية المصرية، وعضو الجمعية الملكية للاقتصاد والتشريع، وكان من طليعة المفكرين المصريين الذين استقوا علومهم من أكبر العلماء وأجلهم، وأصبح علما من أعلام القانون والقضاء فى مصر، بالإضافة إلى ذلك كان – رحمه الله – من الشخصيات موسوعية الثقافة، ساعدته فى هذا نشأته فى بيت سياسى من الدرجة الأولى، وإتقانه للغات الأجنبية وتعمقه فى دراسة اللغة العربية وتاريخها.
ويعترف وائل السمري فى بدايه بحثه المهم إن معلوماته عن “صالح جودت” كانت “هينة” وكانت تتلخص فى وجود رجل آخر اسمه “صالح جودت” قبل الشاعر المعروف صاحب “نشيد الفن” ومئات الأغانى الأخرى، وأحد رواد مدرسة أبولو الشعرية، لكن ما إن بدأ فى تقليب صفحات الكتاب واستطلاع ما به حتى شعر بأنه يقف على أعتاب مفاجآت بحثية سعيدة.
والقاموس الذي اكتشفه السمري عبارة عن “قاموس” كامل من الألف إلى الياء جمع فيه الكاتب الكبير “صالح جودت” أشهر الألقاب العربية لأشهر الشخصيات المؤثرة فى التاريخ، وأوضح معناها وأشهر من تسمى بها.
ويرى وائل السمري أن هذا الكتاب يحتل أهمية كبيرة للباحثين، فهو كتاب مرجعى بلا شك، كما أنه ممتع، لأنه يحوى العديد من الوقائع الطريفة والألقاب الغريبة، وإذا ما نظرنا إلى تاريخ إنشائه، فسنجد أنه من الكتب “الرائدة” فى هذا المجال لأنه جمع الكثير من الألقاب المتداولة فى عصره وما قبل عصره، جامعا بين المصادر العربية والمصادر الأجنبية، وقد استغل الكاتب معرفته باللغات الأجنبية، والفرنسية على وجه التحديد، للاستزادة بما كتبه المستشرقون فى هذا المجال، فخرج الكتاب بصورة أكثر إحاطة وبلغة قريبة من الواقع وهو ما يضفى على الكتاب أهمية وجاذبية.
وخاض وائل السمرى رحلة للبحث عن مثل هذه الكتب، يقول فى ذلك، مثل غالبية الباحثين عن تاريخ مصر المفقود، أحتفظ بالعديد من الصداقات غير التقليدية مع بائعى الكتب والجرائد القديمة، لعلى أظفر منهم بقصاصة مجهولة أو صورة نادرة تكمل مشهدا ظن البعض أنه كامل، وذات مساء اتصل بى أحد بائعى هذه الكتب مؤكدا أنه يحمل لى “مفاجأة سعيدة” رافضا أن يدلى بأى تفاصيل أخرى، وقد عودتنى التجربة أن أتحسس جيبى كلما سمعت كلمة “مفاجأة سعيدة” وعلى الفور ذهبت إلى صديقى تاجر الكتب والمكتبات، فوجدته وقد أحضر لى “كيسا بلاستيكيا أسود” يحتوى على بعض الأوراق، وقبل الخوض فى محتويات “الكيس” أؤكد هنا أننى لم أستطع التأكد من أن جميع محتويات “الكيس” من مصدر واحد أم من مصادر مختلفة، كما أنى لم أجد ما يكشف عن مسار هذا الكتاب منذ أن فرغ منه كاتبه فى أربعينيات القرن الـ20 حتى وصل إلى يدى الآن.
ويقول وائل السمري، لا أخفى عليك أننى حينما أمسكت بهذا القاموس العجيب، دفعت فيه ما طلبه البائع ثمنا له بنفس راضية وقلب مطمئن، ظنا منى أنى ظفرت بكتاب نادر للشاعر الكبير صالح جودت، وتمنيت فى قرارة نفسى أن يكون هذا الكتاب غير منشور، لما فى هذا من قيمة صحفية وأدبية كبيرة، وحتى لو كان منشورا، فمجرد الاحتفاظ بكتاب بخط يد الكاتب يعد أمرا مهما، فما بالنا بشاعر من أهم شعراء مدرسة أبولو، ومؤلف أغانى كتب مئات الأغنيات التى أنعشت وجداننا وما زالت، وبرغم دهشتى من التعريف المصاحب للمؤلف فى غرة المخطوط الذى يصف «جودت» بالقاضى السابق، وعضو الجمعيتين الجغرافية والسياسية، لكن لم أشك فى أهمية الكتاب وأصالته لسببين، الأول هو استحالة تزييفه، نظرا لآثار الزمن عليه، وخطه المنمق الجميل الذى يشبه خطوط الكبار، والسبب الثانى هو غياب تفاصيل سيرة الشاعر صالح جودت عن ذاكرتى الحالية، كما أن جودت «الشاعر» لم يكن بعيدا عن حقل الكتاب، فقد كان شاعرا مهما من شعراء مدرسة أبولو، ووقتها كانت معلومات القراء العاديين عن الشعر واللغة أضعاف معلومات المتخصصين الآن، فما بالنا بشاعر كبير؟
وخاض وائل السمري رحلة من أجل التأكد من الاسم ومن صاحبه، وفى سبيل ذلك اطلع على منشورات وقراءات كان فيها الخلط نفسه مثل ما قام به الشاعر والمؤرخ الفنى الراحل «بشير عياد» وحاول الاستدلال على عدة إشارات.
واكتشف وائل السمري أن الخلط لم يكن على مستوى صغير مثل مقالة، لكنها للأسف امتدت إلى المؤسسة المصرية العريقة وبالتحديد إلى دار الكتب المصرية التى تعد مرجعا معتمدا للمعلومات البحثية، فقد خلط واضع دليل دار الكتب بين الاسمين أيضا، وإن سألت عن كتب صالح جودت، ستجد عشرات الكتب الموضوعة تحت هذا الاسم، وكلها مدونة كالتالى (صالح جودت، صالح بن إسماعيل جودت بن صالح 1875 – 1945) وكما هو واضح فقد كتب تعريف الكاتبين باعتبارهما كاتبا واحدا، والأنكى من هذا هو أن واضع هذا الأرشيف وضع لهما تاريخ ميلاد واحد وتاريخ وفاة واحد أيضا، والغلبة هنا لصالح جودت «القانونى» الذى تدل الكتب التى ذكرته على أن هذين التاريخين يخصانه، وهو أمر سأتطرق إليه لاحقا بالبحث والتحقيق، فى حين أن صالح جودت الشاعر ولد فى 1912 ومات فى 1976، كما يذكر معجم شعراء البابطين.
قاموس الكنى والألقاب
وبحث وائل السمري بصورة كبيرة كي يعرف العلاقة بين كل من “صالح جودت القانون” و”صالح جودت الشاعر” وهل الأول عم الثاني، يقول وفى النهاية عثرت على ما يثبت صلة القرابة ويؤكدها وليس هذا فحسب بل يجيب على كل الأسئلة السابقة ويسد ثغرات القصة برمتها، وكان هذا فى كتاب الدكتور اللبنانى فوزى عطوى (1939) صالح جودت الشاعر والإنسان، المنشور فى دار الفكر العربى للنشر ببيروت عام 1987، وفى هذا الكتاب يسرد قصة تسمية صالح جودت الشاعر بهذا الاسم، فيقول إن والدته – تركية الأصل – كانت تريد تسميته عبدالرحمن، تيمنا باسم أبيها، وبالفعل أطلقت عليه هذا الاسم، ووقتها كان أبوه «كمال الدين» يعانى سكرات الموت، فلم تجد ما يمنعها، سرعان ما أفاق الأب بعد أسبوع من ولادة ابنه واستعاد صحته، وحينما علم بأن زوجته أطلقت على ابنه اسم عبدالرحمن ثار وغضب، خاصة أن زوجته لم تستشره فى هذا الأمر، فغير اسم ابنه وأطلق عليه اسم «صالح» .
يقول وائل السمري إن دار الكتب المصرية وضعت مؤلفات الكاتبين «القانونى والشاعر» تحت اسم واحد، وتحت تاريخ ميلاد ووفاة واحد، وفى تلك القائمة كانت فى انتظارى مفاجأة سارة، وهى أن كتاب «الألقاب والكنى» الذى عثرت عليه لم يكن مدرجا بها، وهو ما يعنى أن الكتاب لم ينشر، وأنه ظل مخطوطا طوال 74 عاما، تتناقله الأكف وتستضيفه أرفف المكتبات، ينتظر أن يدخل إلى مرحلة الطبع والنشر، لكن هذا ما لم يحدث طوال هذه المدة، مع العلم أن القاموس كامل تام، من الألف إلى الياء.
وعن النتائج التي توصل إليها وائل السمري، يقول دائما ما يحلم من يجرى تحقيقا صحفيا أو بحثيا بإغلاق أبواب الأسئلة المشروعة، لكن أن يصطدم الكاتب بسؤال قد يهدم تحقيقه من الأساس فهذا أمر غير محبب على الإطلاق، وهذا للأسف ما شعرت به حينما فرغت من مراجعة قائمة كتب جودت بدار الكتب وتأكدت من عدم وجود هذا القاموس بينها، ثم انتبهت فجأة إلى التاريخ الذى وضعه كاتب البطاقة التعريفية لدار الكتب يؤكد أن القانونى «صالح جودت» توفى فى العام 1945، بينما يذكر جودت أنه فرغ من كتابة القاموس فى أكتوبر 1947 / ذو القعدة 1366، ويبدو أنه ارتبك فى البداية فكتبها 1346ثم عدلها لتكون 1366، فى حين تذكر «دار الكتب المصرية» أن الكاتب توفى فى عام 1945، فإن كانت دار الكتب صحيحة، فإن هذا يقدح فى أصالة هذه النسخة التى بين يدى برغم قدمها الواضح وأثر الزمن الذى ترك بصمته عليها، وإن كان القاموس صحيحا فإن هذا ما يثبت خطأ دار الكتب، فأين الصواب؟ وأين الخطأ فى هذا؟
يصف وائل السمري ما جرى فى ذلك الموقف، فيقول، أمسكت بالقاموس بين يدى وأنا أتساءل: هل انتهى السعى عند هذه النهاية المؤلمة؟ أم تُرى قد كتب لهذا التحقيق دور أخطر من مجرد الكشف عنه؟ فلو كان التاريخ الذى كتب على هذه النسخة صحيحا فهذا يعنى أن كل المراجع التى ذكرت تاريخ وفاة صالح جودت، القانونى، غير صحيحة، وأن هذا القاموس سيكتسب قيمة تاريخية وبحثية أكبر من مجرد الكشف عنه، لأنه سيتحول إلى وثيقة تثبت خطأ تاريخ الوفاة المعروف، وكان لا بد لهذه الحيرة من نهاية سريعة توقف هذا السيل من الأسئلة.
واستكمالا للبحث عاد وائل السمري إلى تاريخ أكتوبر 1947 / ذو القعدة 1366، التاريخ الذى كتبه، ذكر فى مقدمه «قاموس الألقاب والكنى» فوجدت أن شهر أكتوبر لسنة 1947 يتوافق مع شهر ذى القعدة، وليس هذا فحسب بل منحنى تحديدا أكثر دقة لتاريخ الانتهاء من الكتاب، فالعودة إلى التاريخ الهجرى أثبتت أن الفراغ من القاموس كان فى النصف الثانى من ذى القعدة، لأن شهر أكتوبر لعام 1947 بدأ فى 17 ذو القعدة، بينما كانت بداية ذى الحجة فى 15 أكتوبر، هذا التطابق بين التاريخين (الميلادى والهجرى) جعلنى أكثر ميلا إلى أن يكون تاريخ وفاة “جودت” المعروف غير صحيح.
ويقول وائل السمري حاولت البحث عن مصدر هذه المعلومة فى كتب التراجم والسير التى احتوت على سيرة صالح جودت، فوجدت ضالتى فى كتاب «الأعلام» لـ «الزركلى»، حيث ترجم لصالح جودت فى الجزء الثالث ص 189 و190 طبعة دار العلم للملايين وكتب سيرة مختصرة لحياته وحياة أبيه واضعا تاريخ وفاته وميلاده كالتالى: «صالح جودت (1292؟ – 1364 هـ؟ = 1875 – 1945 م؟»، غير أن «الزركلى» نفسه تشكك فى هذا التاريخ فوضع علامة استفهام أمام التاريخين، ولم يكتف بذلك فحسب، فقال فى ذيل الترجمة نصا: «ولم أظفر بتاريخ ولادته ووفاته، فقَدرتهما من الحوادث، وقد لقيته فى القاهرة مرارا.
قاموس الكنى والألقاب (2)
يقول السمري، كانت هذه الجملة الأخيرة التى كتبها «الزركلى» مثل طوق النجاة بالنسبة لى وللقاموس، كما أنها أعفت الكثير من المؤسسات والمراجع من الحرج، وعلى رأسها دار الكتب المصرية، فسبب هذه البلبلة كتاب «الأعلام» لـ«الزركلى» نفسه، الذى يعد مرجعا أساسيا لكل واضعى التراجم والفهارس فى العالم العربى، وهو نفسه تشكك بها، وعملا بالعرف المعمول به فى مثل هذه الحالات، وضع عليها علامة استفهام، وعلى ما يبدو فإن أحدهم لم يؤمن بأهمية علامات الترقيم أو جهل دورها فحذفها.
تطابق التاريخين الميلادى والهجرى ووجود اسم الكاتب فى دليل مصر الصادر سنة 1950 وتشكك «الزركلى» فى كتاب «الأعلام» حول تاريخ الوفاة، شواهد مجتمعة تؤكد أن الوثيقة التى بين أيدينا صحيحة تماما، وأن الكاتب لم يمت فى العام 1945 وأن هذه الوثيقة تكتسب أهمية كبيرة حيث تثبت أنه توفى بعد أكتوبر 1947 وإن كنت أتوقع أنه توفى بعد هذا التاريخ بوقت قصير، بدليل أنه لم يمهل وقتا ليصدر هذه المسودة فى كتاب مستقل.
ووائل السمري، شاعر وكاتب صحفي، رئيس التحرير التنفيذي لـ اليوم السابع، تخرج في كلية الآثار جامعة القاهرة قسم الآثار الإسلامية عام 2001، عضوا بمجلس أمناء مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون منذ تأسيسها في 2019، لحن له الموسيقار العراقي نصير شمه 2011 قصيدة الشعب يريد والتي قدمها في العديد من الحفلات والأمسيات ، كتب كلمات أوبريت “يا سوريا” الذي لحنه الموسيقار العراقي نصير شمه وغناه نخبة من المطربين العرب، كتب ولحن أغنية “ماما” التي أنتجها موقع اليوم السابع احتفالا بعيد الأم، كتب ولحن أغنية من يوم ما جاني الحسين ..غناء الفنان وائل الفشني، نشر له ٠ الساقي” “ديوان شعر” دار ميرت للنشر 2011، “أبني يعلمني” كتاب نثري الدار المصرية اللبنانية 2014، “رواية مفقودة” (ديوان شعر) الهيئة المصرية العام للكتاب 2019 ، كما لا ترون “مسرحية شعرية” الهيئة المصرية العامة للكتاب 2021 وحصلت على جائزة معرض القاهرة الدولى للكتاب 2022، و حصل على المركز الأول (جائزة الصحافة المصرية 2019) الممنوحة من نقابة الصحفيين المصريين، والجائزة الأولى في مسابقة “كتاب اليوم” من مؤسسة أخبار اليوم فرع شعر الفصحى العام 2009، والجائزة الأولى في مسابقة ديوان شعر الفصحى في المسابقة المركزية للهيئة العامة لقصور الثقافة. 2007، والجائزة الأولى في مسابقة المجلس الأعلى للثقافة لأفضل قصيدة لعام 2003، وجائزة أفضل قصيدة الهيئة العامة لقصور الثقافة 2001، وجائزة أفضل كتاب لعام ٢٠٢١ عن المسرحية الشعرية “كما لا ترون” الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، شارك في تحكيم جوائز الدولة التشجيعية فرع جائزة شعر الفصحى في ٢٠٢١، اختير عضوا بلجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.