Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مهارات التواصل

مهارات أساسية لإدارة النقاشات الحادة في العمل


لا يعني حدوث مشكلة وجود طرف جيد وطرف سيئ؛ إنَّما تنتج المشكلات عادة عن اختلافات في الآراء، ويرافق المشكلات عادة حدوث محادثة صعبة ونقاش حاد يشعر فيه الفرد بالقلق والتوتر، وتصل الحالة أحياناً لارتفاع معدل ضربات القلب والتعرق نتيجة الخوف أو الغضب، فيرفع الشخص صوته، وتصدر عنه ردود أفعال غير متوقعة، وهذا ما لا نريد الوصول إليه.

سواءً في العمل أم في الشارع أم في الحياة الشخصية، فالجميع معرض للنقاشات الحادة في كل مكان، ولكن من يريد أن يربح النقاش عليه معرفة طريقة إدارته، وفي مقالنا اليوم سنتحدث عن المهارات التي نحتاجها لنتمكن من إدارة نقاش حاد في مكان العمل، بهدف الحفاظ على العمل وعلى العلاقة الطيبة بالزملاء وبأصحاب العمل، وضمان الاستقرار المهني، فتابع قراء المقال.

مهارات أساسية لإدارة النقاشات الحادة في العمل

يحتاج الإنسان ليدير نقاشاً حاداً بعيداً عن الانفعالات التي تؤدي لنتائج سلبية إلى مهارات أساسية، وأهمها ما يأتي:

1. مهارة الاستماع الفعال

من أسوء الصفات التي قد تتصف بها هو عدم الاستماع بفاعلية كافية للطرف الذي يناقشك؛ ونقصد بالاستماع الفعال أن تكون قادراً على تحويل انتباهك بالكامل لمن يحاورك، بدلاً من الانتباه إلى ما يحيط بك، أو التركيز على نفسك والتفكير بما تريد قوله وبالرد على كلام المتحدث، أو القيام بمقاطعة المتحدث بحجة مخالفته بالرأي لتنفي ما يقوله.

يساعد الاستماع الفعال على اكتساب المعلومات بشكل أعمق عن الموضوع الذي يتحدث به من يناقشك، فينتج عن ذلك فهم الموضوع وفهم وجهة نظر المتحدث، فضلاً عن ذلك فإنَّ الاستماع الفعال يظهر الاحترام الكافي للمتحدث، فيشعر بمدى رغبتك بفهم وجهة نظره، ويساهم ذلك في تخفيف عصبية الطرف المتحدث وجعله أكثر مرونة ولطفاً في طرح رأيه.

2. مهارة التمييز بين أنواع الحوار

وقوع المشكلات يحدث في كثير من الأحيان نتيجة عدم فهم نوع الحوار، فالحوار بشكل عام إما هادئ يجمع بين الأطراف المتفقة بالرأي ووجهات النظر فيتسم الحوار بالقبول والرضى، أو الحوار الموضوعي، وهو المناقض لما سبق، فالأطراف المتحاورة فيه مختلفة بالرأي، وكل طرف يعرض وجهة نظره بشكل مدعم بالأدلة التي تجعل الحوار ينتهي بالاتفاق على رأي واحد.

أما الحوار الحاد المتشنج فهو الحوار الذي يسعى فيه أحد الأطراف إلى نفي رأي الطرف المخالف وإسكاته وفرض رأيه عليه، ومهمتك هي الانتباه لنوع الحوار لتحويل النقاش الحاد إلى نقاش موضوعي، فلا يمكن الاستهتار بالطرف المحاور بهذه الحالة.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات سهلة لخوض نقاش واعٍ

  

3. مهارة السيطرة على المشاعر السلبية

في اللحظة التي نشعر بها بوجود شخص يخالفنا الرأي ويناقش ويدافع عن وجهة نظره بحدة نلاحظ أنَّ المشاعر السلبية تبدأ بالتحكم بنا، والتي تتولد عنها أفكار وردود أفعال سلبية.

قد يؤدي عدم قدرة الإنسان على السيطرة على المشاعر السلبية في أثناء النقاشات الحادة في العمل إلى ارتفاع الصوت والصراخ وزيادة المشكلات حدة، ولكن السيطرة على المشاعر السلبية تحتاج إلى تدريب مسبق يقلل من الشعور بالتوتر العام الذي ينتج عن ضغوطات الحياة اليومية، لأنَّ الغضب غالباً هو شعور مقموع في الداخل سابقاً تم كبته، فقد يظهر في أي وقت عند وجود المحفزات.

لذلك مارس الرياضة باستمرار وخاصة المشي السريع أو الركض في الطبيعة، وخلال وقت العمل امنح نفسك استراحات قصيرة لعدة دقائق تجنُّباً لشحن نفسك بالطاقة السلبية، فتتمكن من التعامل مع الجميع بلطف وتعمل بتركيز أكبر، وفي هذه الدقائق يمكن استخدام مهارات الاسترخاء التي تعيد شحن الذات بالطاقة الإيجابية، مثل التنفس العميق أو الاستماع لموسيقى لطيفة أو الكتابة على دفتر صغير خاص بك.

لا تنس ضرورة النوم يومياً لوقت كافٍ، وعند وقوع المشكلات يجب أن تمنح نفسك الوقت الكافي قبل التحدث أو القيام برد فعل، فمثلاً تعد إلى العشرة ببطء بينك وبين نفسك قبل أن تقول أي كلمة مهما كان الكلام الذي تسمعه جارحاً.

4. مهارة التعبير الجيد

التعبير الجيد عنصر أساسي في بناء علاقات صحية في حياة الإنسان، ويساعد بشكل كبير على تجنب التوتر في العلاقات، وخاصة في العمل، فهو يمنع وقوع المشكلات، وفي حال وقعت يساعد على الوصول إلى حلول مناسبة، لذلك يجب أن تدرب نفسك مسبقاً على كيفية التعبير عن رأيك ووجهات نظرك ومشاعرك بوضوح وهدوء وبعيداً عن جرح الآخرين.

بالطبع تحتاج إلى ذلك لقراءة الكتب التي تساعدك على فهم نفسك بالشكل الصحيح، وبحاجة إلى التفكير جيداً بما تريده من الحياة، سواءً في العمل أم خارجه، فوجود هدف من العمل في شركة يجعلك تتغاضى عن بعض الكلمات المسيئة من الأطراف المخالفة لك.

5. الاستعداد الجيد للنقاش

يجب ألا تدخل في نقاش حاد مع طرف يمتلك الحجج والأدلة الكثيرة ويقوم بإلقائها بغضب وأنت لا تملك ما يؤكد وجهة نظرك؛ لذلك حدد أولاً ما الذي تتعامل معه بالضبط هل هي مشكلة متكررة؟ أم هي قضية شخصية؟ أم أنَّك تتعامل مع حدث معزول وجديد؟ وهل هي مشكلة بسيطة أم لها آثار خطيرة؟

ثانياً تجنَّب أن تدخل في نقاش لا تعلم السبب وراء إجرائه ولا تفترض الأسباب أو أهداف الحوار، فكثير من الأحيان نتعامل مع الأحداث من حولنا بناءً على افتراضات شخصية، فيؤدي ذلك إلى زيادة الأمور سوءاً غالباً، أما في حال أردت أنت أن تبدأ نقاشاً، فيجب أن تبدأ في الوقت المناسب، فمثلاً لا تبدأ قبل وقت اجتماع بدقائق قليلة أو وقت انتهاء الدوام؛ لتضمن تمكُّن الأطراف الأخرى من متابعة النقاش حتى الوصول إلى حل، كما أنَّ النقاش في وقت غير مناسب يزيد من التوتر، فلا يمكن الوصول إلى حل مشترك.

6. لغة الجسد

إن كنت ترغب في إدارة الحوار الحاد، فعليك التعرف إلى لغة جسدك وإلى لغة جسد الطرف المحاور أيضاً، لأنَّ لغة الجسد هي تواصل غير لفظي يمكِّنك من قراءة شخصية الشخص الموجود أمامك، ومن ثم تتمكن من تفهمه.

مثلاً قد تعتقد أنَّ الشخص الموجود أمامك يمتلك ثقة بالنفس عالية تجعله يناقش بتلك الحدة، ولكن في الواقع هو يشعر بالخوف والرعب، أو إنَّه متوتر لأنَّه يكذب مثلاً ولغة جسده تعبر عن ذلك، فإنَّ فهمها يساعدك على فهم الهدف الحقيقي من الحوار وتعرف إن كان الشخص المحاوِر يفهم ما تقوله، وفي حال كان يشعر بالخوف منك، فهنا عليك محاولة تهدئته وتفهُّم موقفه الحقيقي والسعي إلى حل المشكلة بهدوء.

7. امتلاك ثقافة الاعتذار

إن كنت تعتقد أنَّ الاعتذار هو الاعتراف بالهزيمة والفشل وأنَّه نقطة ضعف يجب ألا تُظهِرَها أمام الآخرين، فأنت مخطئ حتماً؛ لأنَّ الكمال لله وحده وجميعنا نخطئ، والاعتذار قوة؛ لأنَّ الإنسان القادر على الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار هو شخص قادر على التطور ويمتلك الشجاعة الكافية ليكون بطلاً في حياته.

لا تعتقد أنَّ الاعتذار كلمة يمكن أن تقولها بهدف إسكات الطرف المحاور الآخر لأنَّك تزيد الأمر سوء، فهذا التصرف استهزاء بالطرف الآخر، والاعتذار له شروط أهمها عدم تبرير الخطأ، وعدم التعالي في أثناء التلفظ بكلمات الاعتذار، وكذلك اختيار الكلمات المناسبة، ومن الضروري الانتباه لفكرة هامة أنَّ الجميع يستحق الاعتذار عندما تخطئ في حقه، فلا تعتقد إن كنت تملك منصباً أعلى من منصب الطرف المحاور أنَّك غير مضطر للاعتذار، وتذكر دائماً أنَّ الاعتذار يرفع من قيمة الشخص المعتذِر في عين الشخص ذاته وفي عين الجميع من حوله، فلك تخيُّل كمية الاحترام التي يتلقاها الشخص عندما يعترف بالخطأ ويتراجع عنه.

في الختام

العمل مجتمع يضم كثيراً من الشخصيات المختلفة في التفكير والحالة النفسية، ونتيجة لذلك إنَّ وجود اختلافات في العمل أمر طبيعي، وتتطور معظم الخلافات لتصبح نقاشاً حاداً، ولأنَّنا جميعنا قد نصبح طرفاً محاوراً في نقاش حاد في العمل؛ فيجب تعلم كيفية إدارة هذا النقاش.

لقد قدَّمنا في مقالنا مجموعة من المهارات الأساسية التي تساعد على إدارة النقاش الحاد في العمل، وأهمها مهارة الاستماع الفعال، فلا يكفي أن تسكت وتتظاهر بالاستماع، بل يجب أن يشعر الطرف المحاور بأهمية ما يتحدث به من خلال التركيز التام معه، ومهارة تمييز نوع الحوار فليست كل النقاشات حادة، وأيضاً مهارة التعبير الجيد عن الأفكار ووجهات الرأي ليتمكن الطرف الآخر من فهمك بشكل صحيح، وأيضاً مهارة السيطرة على المشاعر السلبية، فلا تقع في مشكلات أكبر نتيجة ردود أفعال سلبية.

إضافة إلى ما سبق حاول أن تتعرف جيداً إلى لغة الجسد التي تساعدك على إدارة مختلف الحوارات، وإن تبيَّن أنَّك مخطئ، لا تتردد عن الاعتذار؛ لأنَّ الاعتذار قوة تزيد من احترام الآخرين لك. 


اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading