كيف يمكنك أن تؤثر في أي شخص بلمسة يد؟
نصادف هذه الأنواع من الطلبات كثيراً في حياتنا اليومية لدرجة أنَّنا طوَّرنا مهارة في رفضها، ومع ذلك بين الحين والآخر توافق على الطلب، فكِّر في آخر مرة حصل ذلك معك، ما الذي كان مختلفاً بشأن ذلك التفاعل ودفعك إلى قبول الطلب؟ وما الذي فعله الشخص الآخر لإقناعك؟
لن تتذكَّر غالباً، ولم يبدُ لك أنَّه يوجد شيء مختلف؛ وذلك لأنَّ ما فعله الشخص الآخر بالكاد ملحوظ، حتى إنَّك لم تدرك ما فعله، ووَفقاً لعدة أبحاث في علم النفس عن السلوك والإقناع، ما فعله الآخرون هو أنَّهم لمسوك، ولم تكن لمستهم مزعجة أو عدائية، وإلَّا كنت ستتذكَّر ذلك، فلمسة أو اثنتان بخفَّة كافيتان لتغيير رأيك بشأن الشخص وطلبه؛ لأنَّها غيَّرت كيمياء دماغك مؤقتاً.
إذا واجهت صعوبة في إقناع أحدهم بفعل طلب بسيط من أجلك، سواء كان ذلك طفلك أم شريك حياتك أم زميلك في العمل، فانتبه إلى هذه الحيلة، فمع بساطتها فإنَّها كفيلة بتغيير حياتك للأفضل، من حيث تحقيق مزيد من النجاح، والحصول على راتب أعلى، وتكوين علاقات أقوى، وغيرها من الأمور.
يزيد اللمس من القبول:
كان الباحثون والشركات لعقود من الزمن مهتمين بعلم نفس اللمس؛ إذ أراد الباحثون أن يعرفوا سبب تصرف الناس بطريقة معيَّنة، وأرادت الشركات أن تعرف كيف يمكنها الاستفادة من هذه المعلومات لكسب مزيد من المال، وكانت نتيجة هذا الاهتمام، كميات كبيرة من الأبحاث التي أثبتت أنَّ اللمسة المناسبة في اللحظة المناسبة كفيلة بزيادة احتمال قبول الطرف الثاني لطلبك.
كما وجدوا أنَّها كافية لزيادة البقشيش الذي يتركه الزبائن في المطاعم، وإقناع الناس بالمشاركة في استطلاعات ومشاركة معلومات شخصية والمساعدة في البحث عن أشياء مفقودة، وهذه بعض الأمثلة فقط، حتى إنَّها تزيد من استجابة الشخص للطلب بعد أن وافق عليه، على سبيل المثال، إذا وافق الشخص على المشاركة في استطلاع، فستزيد اللمسة من احتمال إكماله له حتى النهاية عوضاً عن البدء فيه وتركه دون إنهائه.
قد تتساءل عن سبب ذلك، وكيف للمسة قد تعدُّها تعدياً على مساحتك الشخصية إقناعك بفعل شيء كنت سترفضه في الحالة الطبيعية، الإجابة معقدة وبسيطة في آنٍ واحد، فالجزء البسيط هو أنَّنا كائنات اجتماعية تكيَّفنا لنستجيب بإيجابية عندما يعانقنا أحد، لكنَّ الجزء المعقَّد هو ما يحدث بعد ذلك.
عندما يلمسك أحدهم بطريقة صحيحة فلن تلاحظ، لكنَّ تغيُّرات كبيرة ستحصل داخل جسدك؛ إذ يفرز الاتصال الجسدي هرمونات الدوبامين والأوكسيتوسين والسيروتونين في دماغك، وهي المواد الكيميائية المسؤولة عن شعورك بالسعادة، وفي الوقت نفسه يخفض مستويات هرمون الكورتيزول المسؤول عن شعورك بالتوتر، ممَّا يبطِّئ معدل ضربات القلب، ويخفِّف من الشعور بالتوتر ومن استجابة الكر أو الفر، أي إنَّها تجعلك تسترخي.
لذا فإنَّ لمسة واحدة كافية لنقلك إلى حالة مزاجية تسمح لك بالاستماع وتكوين علاقة فورية مع الشخص الذي يطلب منك شيئاً ما، فخلال ثانية تتحوَّل من الشعور بالانزعاج والاستعداد للتملُّص إلى الشعور بالراحة والاستعداد لفعل ما يطلبه، لكنَّ كل هذا منوط بأنَّك تلمس الشخص الآخر بطريقة صحيح.
شاهد: 7 عادات تجعلك أكثر تأثيراً على الناس
كيف تلمس الآخرين بطريقة صحيحة للحصول على ما تريد؟
عندما تطلب شيئاً ما، وخاصة من شخص غريب، يمكن أن تكون لمسة خفيفة كفيلة بتغيير رأيه من الرفض إلى الموافقة، شرط أن تلمسه بطريقة صحيحة.
ربما تذكَّرت خلال قراءتك هذا المقال مرات لمسك فيها شخص ما بطريقة لم تعجبك، وربما بدا وكأنَّه يحاول التلاعب بك، أو أنَّه غير صادق، أو مخيف، أو غير لائق، وقد لا تنسى هذه اللحظات أبداً.
لكن تذكَّر، اللمسة التي تحقِّق لك مبتغاك هي التي بالكاد يلاحظها الشخص الآخر، وتحصل في الوقت المناسب تماماً، وبالطريقة الصحيحة تماماً، وتجعلك تشعر بالراحة؛ فالفرق بين اللمسة التي لن تنساها، والأخرى التي لن تتذكَّرها أبداً هو طريقة اللمس.
إليك كيفية لمس أحد بطريقة تقنعه بفعل أي شيء:
1. يجب أن يرغب بها الشخص الآخر:
قد تتساءل ما إذا كان من المفترض أن تسأل الشخص إن كان في إمكانك لمسه، إلا أنَّ هذا ليس ضرورياً، ولكنَّ لغة جسده يجب أن تظهر لك بوضوح إن كان سيمانع أم لا.
على سبيل المثال، إذا كان الشخص يقف منتصباً وتعابير وجهه إيجابية أو محايدة، فيمكن القول إنَّه لن يمانع لمستك، لكن إذا كان منحنياً أو يركِّز على شيء آخر أو يعقد ذراعيه، فهذه علامات على أنَّه غير مستعد لتقبلها؛ لذا احترم دائماً لغة الجسد، وثمَّة طريقة سريعة لاختبار ذلك، وهي تقديم يدك لمصافحته، فإذا قبل فلن يمانع إن لمسته، أمَّا إذا لم يقبل فمن الأفضل عدم محاولة ذلك.
2. يجب أن تلمس الشخص في القسم العلوي من الذراع:
هذه قاعدة يجب اتباعها عند لمس شخص لا تعرفه جيداً؛ إذ تعدُّ المسافة بين الكوع والكتف مناسبة لتلمس شخصاً غريباً، فلا تخرج عنها، وللحصول على أفضل النتائج أرفِق هذه اللمسة بمصافحة.
3. يجب أن تكون اللمسة سريعة ولا تلفت الانتباه:
لن تنجح باستخدام اللمس بصفته أداة للإقناع إذا لاحظه الطرف الآخر؛ لذا تدرَّب عليه مع الأشخاص الذين تشعر بالراحة معهم، فلا يجب أن تلمس الشخص لأكثر من لحظة.
4. يجب أن تكون على مسافة قريبة جداً من الشخص:
يساعد هذا كي لا ينتبه الشخص الآخر للمستك؛ إذ يجب ألَّا تبعد عن الشخص أكثر من 3/4 من طول الذراع، فبهذه الطريقة لن تمدَّ يدك لمسافة بعيدة بصورة محرجة، وهنا أيضاً تعدُّ المسافة اللازمة للمصافحة مقياساً جيداً.
5. يجب أن تكون واثقاً بنفسك خلال ملامسة الشخص:
البشر بارعون جداً في ملاحظة الثقة بالنفس أو عدمها، ويشعرون بالراحة تلقائياً مع الأشخاص الذين يتمتعون بها، أمَّا قلة الثقة بالنفس تُشعِرنا بعدم الراحة؛ لذلك عندما تقرِّر لمس شخص فافعل ذلك دون تردُّد، وإلَّا فلا تفعل ذلك أبداً إذا كانت لغة جسدك تظهر أنَّك غير واثق من نفسك.
6. يجب أن يرافق اللمسة تواصل بصري:
سيساعدك التواصل البصري على أن تبدو واثقاً بنفسك وصادقاً، كما أنَّه سيحجب الانتباه عن لمستك، لكن يجب أن تكون واثقاً بنفسك وصادقاً وإلا سيكون الموقف محرجاً.
7. لا يجب أن يرافقها ضغط:
الوقت المناسب للمسة هو خلال المرحلة الأولى من التحدث، أو عندما تكاد تحصل على الموافقة، لكن إذا كنت تشرح وتحاول إقناع شخص غير متقبِّل لطلبك، فقد فات الأوان؛ إذ ستبدو وكأنَّك تُحاول التلاعب به.
8. يجب أن يرافقها ابتسامة:
تذكَّر أنَّ معظم المعلومات التي نحصل عليها في أثناء التواصل غير لفظية، مثل وضعية الوقوف، وتعبيرات الوجه، ونبرة الصوت؛ لذا بصرف النظر عمَّا تقوله، تأكَّد من أنَّ باقي جسدك يبعث مشاعر مريحة قبل أن تلمس الشخص.
في الختام:
تحمل اللمسة الخفيفة في الوقت المناسب قوة قادرة على الإقناع والتأثير في نفس الوقت؛ إذ يمكنك استخدامها لجعل أطفالك يتصرَّفون كما تريد، ولإبرام صفقة تجارية هامَّة، أو إقناع شخص غريب بمساعدتك في البحث عن مفاتيح سيارتك المفقودة، لكنَّ الفاصل بين اللمسة المرغوبة واللمسة غير المرحَّب بها بسيط؛ لذا احرص على اتباع الخطوات المذكورة أعلاه بعناية في أثناء التدرب وتحسين مهارتك.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.