كيف تطورت وتغيرت عبر الزمن؟
ما هي الآلة الكاتبة؟
تُعرف الآلة الكاتبة بأنَّها جهاز ميكانيكي أو كهروميكانيكي، يُشغَّل يدوياً وليس آلياً بهدف استخراج واستنباط الحروف التي تكون مطبوعة على الورق. وكما هو الحال في لوحة المفاتيح، فإنَّنا نجد في الآلة الكاتبة مفاتيح أيضاً، لكنَّها تنتِج وتشكِّل حروفاً مطبوعة على الورق الأبيض عن طريق الضغط والكبس على حروف الآلة الكاتبة، وتُوجد لدينا عدة أنواع وعدة أشكال وعدة أنماط للآلة الكاتبة، نذكر منها: الآلة الكاتبة الكهربائية، والآلة الكاتبة الميكانيكية.
إنَّ تقديم الآلة الكاتبة وتعريفها إلى العالم، كان أول مرة في عام 1874 ميلادية؛ إذ كانت أول اختراع من صنع اليد البشرية في مجال الكتابة والحرف، ومن يومها صارت الآلة الكاتبة مشهورة ومعروفة ومطلوبة، وزادت شعبيتها في حقبة الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، ثم شاع بعدها بقليل استخدام الآلات الكاتبة في المكاتب والمراسلات ودور النشر والبريد والمدارس وأماكن العمل في جميع دول العالم تقريباً.
تاريخ اختراع الآلات الكاتبة وتطورها عبر العصور:
إنَّ أول مرة شهد فيها التاريخ والبشرية والعالم بأسره صنع واختراع أول آلة كاتبة، كانت على يد المخترع الإنجليزي العظيم “هنري ميل” سنة 1714 ميلادية، وقد حاز مخترعها على براءة اختراع تكريماً له على إنجازه، وتقديراً له ولعبقريته الفذة ولجهده الكبير في إنارة دروب البشرية وخدمتهم، وإثراء المكتبة العلمية بهذا الاختراع العظيم.
تُعد الآلة الكاتبة التي صممها العظيم “هنري ميل” سنة 1714 ميلادية، الأم الأولى والبذرة الأولى والنواة الأولى والرحم الأول الذي وُلدت منه مئات الآلات الكاتبة من شتى الأصناف والأنواع والأشكال، بدءاً من هذه الآلة البدائية، مروراً بالآلات الكاتبة الكهربائية والميكانيكية والتجارية والتقليدية، حتى الآلة الكاتبة الإلكترونية الحديثة في عصرنا هذا، عصر التطور الرقمي والتقني والتكنولوجي والمعلوماتي والعلمي البحت.
لنعد بحديثنا إلى الآلة الكاتبة التي اخترعها العظيم “هنري ميل”؛ إذ نظراً للعيوب الكثيرة التي وُجدت في هذه الآلة، لم تستطع إثبات جدارتها وكفاءتها العملية والفعلية والحقيقة كما يجب أن تكون عليه في ذلك الوقت وفي ذلك الزمان؛ لكنَّ هذا لم ينفِ أنَّ قصة اختراع الآلة الكاتبة من قبل هذا المصمم العبقري، كان لها قدسية إنسانية وعلمية عند كل شعوب العالم؛ وذلك لأنَّها كانت سبباً في ولادة الملايين من الآلات الكاتبة، ووسيلة أحدثت انقلاباً جذرياً في الثورة العلمية، وطريقة سهَّلَت للإنسان عملية الكتابة والطباعة وخدمته في الرسائل.
إنَّ أول آلة كاتبة عملية عُرفت ونُقلت إلى العالم تعود إلى أصل أمريكي؛ إذ اخترعها شخص أمريكي يُدعى “وليم بيرت”، وحصل ذلك في عام 1830 ميلادي، وقد تميزت هذه الآلة الكاتبة ذات الأصل الأمريكي بأنَّها تطبع حرفاً يتلوه حرف آخر مباشرةً وعلى نحو تلقائي.
لكن من المؤسف أنَّ هذه الآلة الكاتبة الشهيرة كانت قد دُمرت نتيجة اندلاع حريق أمريكي جائر في عام 1836 ميلادي، ومع ذلك، وبالتعاون مع الجهات المختصة وأناس آخرين، تمكَّن المخترع الأمريكي من ترميم آلته المحروقة، وإضافة بعض التعديلات المطلوبة عليها لتعود وتعمل بشكل آلي وصحيح وسليم، علماً أنَّ هذه الآلة الكاتبة محفوظة حالياً كواحدة من أهم وأشهر التحف الأثرية العلمية في متحف العلوم في لندن.
تنقضي بعد ذلك السنين والأيام، لتشهد الحياة البشرية تحولاً جديداً في عصر الآلات الكاتبة؛ إذ في عام 1874 ميلادي، ابتكر مخترعان عبقريان من أمريكا أيضاً، اسمهما “كريستوفر شولز” و”كارلوس جلدن”، أول نموذج من الآلات الكاتبة يعمل بدقة عالية وبجودة سليمة، وقد لاقى هذا الابتكار العظيم نجاحاً قلَّ نظيره في الآلات الكاتبة التي سبقت ذاك العصر.
تطور الآلة الكاتبة عبر الزمن:
يُعد اختراع الآلة الكاتبة من أهم الإنجازات التي حصلت في القرن التاسع عشر الميلادي، على يد الإنسان العظيم والعبقري “كريستوفر شارلز”، والذي اخترع بنفسه هذه التحفة العظيمة وقدَّمها للناس سنة 1867 ميلادية، لكن تأخر الإعلام بعرضها وترويجها وتسويقها إلى الناس؛ إذ عُرضت فعلياً في سنة 1874 ميلادية، وبعد مرور عقدٍ واحدٍ على اختراع أول آلة كاتبة، بدأ استخدامها بصورة رسمية في المكاتب، ثم بعد أن استخدم الناس الآلة الكاتبة ودخلت في تفاصيل حياتهم اليومية، زادت شعبيتها وصار ثمة حاجة ملحَّة وضرورة لاستخدامها على نحو دائم وشبه يومي.
كيف تعمل الآلة الكاتبة؟
يمكن عد الكتابة على الآلة الكاتبة من أبسط وأسهل أنواع الكتابة مقارنةً بالكتابة اليدوية – استخدام اليد والأصابع والقلم العادي أو الريشة كما كان يُكتب قديماً – وتتلخص طريقة الكتابة على الآلة الكاتبة بالضرب إلى الأعلى؛ بمعنى آخر، حين نضرب أو ننقر أو نكبس أو نضغط على مفتاح يحمل حرفاً ما، فإنَّ هذه المفتاح بكل بساطة سيضرب بدوره ما يُسمى بقضيب الكتابة، والذي يُعد أحد أجزاء الآلة الكاتبة، ويكون الضرب نحو الأعلى وتحديداً باتجاه الأسطوانة، وهي أيضاً من أجزاء الآلة الكاتبة، والتي يستند إليها قضيب الكتابة مثبتاً عليها ضمن شريط التحبير، وتكمن مهمة شريط التحبير في أنَّه يتوكل مهمة طباعة ذلك الحرف على الورقة، وعند كل ضغطة أو ضربة أو نقرة أو كبسة، تتحرك العربة متخذةً منحىً يساريَّ الاتجاه والحركة بواسطة شيء يُدعى زنبرك، والذي يُعد جزءاً أساسياً من أجزاء الآلة الكاتبة.
تستمر العملية هكذا دواليك حتى نصل إلى آخر حرف وآخر كلمة لينتهي السطر، ثم تعمل الرافعة بعد ذلك على إعادة العربة وإرجاعها إلى البداية مع كل سطر جديد.
كيف تطورت الآلة الكاتبة الإلكترونية؟
قدمت شركة “زيروكس” (Xerox) العالمية في سنة 1981 ميلادية نوعاً جديداً من أنواع الآلات الكاتبة الفريدة من نوعها والأكثر تقدماً وتطوراً وابتكاراً؛ إذ كانت تتميز بوجود معالجات متخصصة تمتزج بداخل مكونات وأجزاء الآلة الكاتبة المعاصرة والحديثة، كما كانت تحوي على ذاكرة تسمى بذاكرة الوصول العشوائي، إضافة إلى ذاكرة تخزين خارجية، وشاشة من نوع (LCD) تتميز بوجود سطر أحادي، وبالإضافة إلى ذلك، كانت تحتوي الآلة الكاتبة الإلكترونية على ميزات متقدمة مثل وجود مدقق إملائي ومدقق لغوي.
ما هي أهمية الطباعة؟
تحتل الطباعة اليوم بفعل التكنولوجيا موقعاً هاماً مميزاً لافتاً، والسبب في ذلك أنَّ الطباعة تُعد أهم وأفضل وسيلة أو طريقة لنشر العلم والمعرفة من أخبار وقصص وحكايات ومعلومات وروايات وقضايا إنسانية وسياسية واجتماعية ودينية واقتصادية تعنى بالإنسان ومشكلاته، وما الآلة الكاتبة سوى وسيلة فعَّالة وسريعة ترفد عملية الطباعة وتخدمها وتوظفها في المكان الصحيح وفي الطريق الصحيح.
يجدر بنا الاعتراف أنَّه في فترة من الفترات ازدهرت الآلة الكاتبة وانتعشت ولاقت رواجاً وانتشاراً كبيرَين، وهذا أدى إلى انتعاش عملية الطباعة وازدهارها وإغنائها وإثرائها، حتى صار لا بد من توفر آلة كاتبة ولو واحدة على الأقل في كل مكتبة من مكتبات العالم؛ وذلك لأنَّها صارت أمراً ضرورياً وحاجة ملحَّة لا يمكن الاستغناء أو صرف النظر عنها.
ما هو المقصود بالآلة الكاتبة التجارية؟
حدث في عام 1865 ميلادي أن ابتكر المخترع المدعو “راسموس هانس” تصميم واختراع أول آلة كاتبة تجارية، وقد تميز هذا النوع من الآلة الكاتبة عن سابقيه بأنَّ له القدرة على ترتيب الحروف وتنظيمها وتنسيقها وجعلها منسجمة ومتوافقة ومتوائمة ومتناغمة فيما بينها، وهذا جعل الكتابة سريعة، ووفر جهداً ووقتاً كبيرَين.
وقد لجأ المخترع الكبير “راسموس هامس” في آلته التجارية هذه إلى ربط أو وصل الورق الأبيض بأسطوانة تدور باستمرار في أسفل مقدمة الكتابة، لكن ومع كل ذلك، بقيت لها ميزة فريدة من نوعها بأنَّها أول آلة كاتبة صُمِّمت واختُرعت تجارياً أو تحت مسمى تجارية.
وعلى الرغم من هذه الميزة الفاخرة، إلا أنَّ هذه الآلة الغريبة لم تنل شعبيتها المطلوبة وانتشارها ورواجها بين الناس كما كان متوقعاً ومرسوماً ومخططاً له بعناية فائقة؛ والسبب في ذلك كله، وجود عيب في أجزاء الآلة وطريقة عملها، وقد كان يُعزى الأمر في هذا إلى أنَّ تصميمها لم يكن عملياً أو فعَّالاً أو دقيقاً، وفي عام 1873 ميلادي حدث أن صُمِّمت واختُرعت أول آلة ناجحة تجارياً وبامتياز على يد المخترعين العظماء الأربعة الرائعين:
- كريستوفر لازم شولو.
- فرانك هافن هول.
- كارلوس غليديم.
- صاموئيل دبليو سولي.
في الختام:
إنَّ الآلة الكاتبة على اختلاف أنواعها وأحجامها وأشكالها، أسهمت بدور كبير في تطور عملية الكتابة وتسهيل الطباعة والنشر؛ إذ لولا عقول العلماء الفذة وجهودهم الحثيثة، فضلاً عن إيمانهم الصادق وإخلاصهم لعملهم وبحثهم الدائم وملاحقة شغفهم وإصراراهم على الوصول، وكذا نحتهم الصخر وإيمانهم المطلق بأنَّ المحاولة لا بد أن تفضي إلى نتيجة مُرضية، ما كان لمجرى الحياة والتاريخ أن يتغير ويجعلنا نسير نحو الأفضل.
المصادر: 1، 2، 3
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.