كيف أرسم شخصية دورى.. يوسف وهبى يكتب فى الكواكب 1932
قدم الفنان الكبير يوسف وهبى فى سنة 1932 فيلم أولاد الذوات، وهو فيلم علامة فى السينما المصرية، لأن البعض يعده أول فيلم ناطق، لذا اهتمت المجلات والصحف بالفيلم وبنجمه “يوسف وهبي” ودعته مجلة الكواكب فى عددها الصادر يوم 18 أبريل من سنة 1932، للمشاركة بالكتابة فكتب مقالا عنوانه ” كيف أرسم شخصية دورى؟”.
يقول يوسف وهبى فى المقالة:
رسم الشخصية هو سر نجاح الممثل، وليس معنى هذا أن يقرأ صاحب الدور كلامه فى الرواية كى يبنى عليه الشخصية التى رسمها المؤلف، بل هناك معانى بين السطور خفية غير ظاهرة يتلمسها الممثل الفاحص بين الجمل أكثر مما يقرأها فى أقوال المؤلف. كذلك هناك حوار يقع بين صاحب الدور وشخصية أخرى فى الرواية قد تفهمه دوره بشكل وضح.
فواجب الممثل المدقق أن يقرأ الرواية أولا بأكملها مثنى وثلاث حتى يدرك مرمى المؤلف بدقة فيسير على ضوء الموضوع وتحليل الشخصيات الأخرى.
أضرب مثلا لذلك فى متناول القارئ أن يدرك معناه دون أن يكون ممثلا محترفا .. كلنا يعرف أن “للأعصاب” بالاصطلاح الفنى أو للأخلاق – بالاصطلاح العامى – تأثيرًا على طريقة الإلقاء. فإذا كانت الشخصية التى رسمها المؤلف شخصية رجل خبيث كان حذرا فى إلقائه. وإذا كانت لرجل عصبى كان سريعا فى كلامه، وإذا كانت شخصية رجل هادئ كان هادئا فى إلقائه. ويصح أن تسمى ذلك مفتاح الدور أى أول سلم لتفهم الشخصية.
فإذا ما عينت طريقة إلقاء خاصة للدور انتقلت إلى السلم الثانى وهو التلوين أى الانتقال بالعامل النفسانى مع جمال الدور. وهذا يكون طابع المؤلف الذى تخيله وهو يرسم أبطال قصته.
هذا من وجهة الإلقاء بصفة مختصرة جدا، ننتقل منها إلى طريقة التعبير الوجهي، فنعود إذ ذاك إلى السلم الأول فالماكر فى علم النفس صفات تنم عليه، وللطبيب مميزات وللأحمق خواطر كما أن للمرض أغراضا.
وأول ما يساعدنى على إعطاء الدور معنى الدور بطريقة التعبير الوهى “الميك” هما العينان فهما أكبر أداة لتحقيق هذا الغرض.
فالماكر مثلا له نظرة خاصة تتمثل فى عينى “ياجو” وللشريق النفسى صفاء ينطق فى تعبيرات “عطيل” وقد أعطيتك هذين المثلين لسهولة فهمهما لدى الجمهور، إذ أن المسرح الحديث قد دلنا على أن هناك من الصنف اللئيم ما قد لا يظهر عليه هذا اللؤم .كما أن مؤلفى اليوم رسموا لنا شخصيات جديدة تلعب فى الحياة العصرية أدوارا هامة، كصنف التاجر والسياسى ورجل الأعمال ومضارب البورصة وهلم جرا .
وهنا لا يجب مطلقا أن يكتفى الممثل بدرس الرواية بل يجب أن يدرس حياة أولئك الناس. فإذا ما صادفنى دور مخترع أو دور سياسى وجب على أن أقرا كثيرا عن معيشة غير واحد من المخترعين لأعلم شيئا عن طباعهم.
يوسف وهبي يكتب
كيف أرسم
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.