رسالة الإمام.. تقديم الكفن للصلح عادة فرعونية أم عربية
وغالبا ما تظهر عادة تقديم الكفن لوقف أى قتال من الممكن أن يحدث بسبب الثأر، والأخير عادة لها جذور عميقة خاصة فى صعيد مصر، فتصمم عائلة القتيل على الأخذ بالثأر من القاتل أو أحد أفراد عائلته، ولا يسقط الأمر بمرور الزمن، ومنذ سنوات ظهر طقس تقديم الكفن أو “القودة”، حيث يتصل شخص يعرف بـ”قاضى الدم”، بعائلتى القاتل والقتيل للصلح بينهما، وهى محاولات قد تمتد لشهور بل لسنوات، ثم تقام بعدها مراسم تقديم الكفن بهدف إنهاء حالة الثأر بطريقة سلمية.
اختلف المؤرخون حول موطن نشأة وانتشار ظاهرة الثأر التى تنتشر فى بعض البلدان العربية، مثل مصر واليمن، فمنهم من أرجعها إلى العصر الفرعوني، ومنهم من أعادها إلى موسم الهجرة العربية إلى مصر والتى جرت فى أعقاب الفتح الإسلامي، واعتمد المؤرخون الذين أرجعوا ظاهرة الثأر إلى عصور الفراعنة فى تأكيد ذلك على أسطورة إيزيس وأوزوريس، وكيف دفعت إيزيس ابنها حورس للأخذ بثأر أبيه من عمه.
ويرجح الباحث فى التراث الشعبى، محمد شحاتة العمدة، أن بداية ظهور الثأر مع دخول القبائل العربية وقت الفتح الإسلامى إلى مصر، لكن العمدة، وهو صعيدى المنشأ، أرجع العادة لمصر الفرعونية وأسطورة إيزيس وأوزوريس، والتى حدث خلالها نزاع بين أوزوريس وأخوه ست الذى قطعه إلى أجزاء، قيل إنها انتشرت فى كل أنحاء مصر، فجمعتها زوجته إيزيس، وعندما عادت له الحياة أنجبت منه حورس، وبعدها عرفته على قاتل أبيه، وبدأت رحلته لأخذ الثأر من عمه ست، وبعد نزاعات بينهما تم الصلح.
وفى كتاب “القربان البديل”، يشرح الكاتب والشاعر فتحى عبد السميع مراحل تقديم الكفن، كطقس يرسخ منهج اللاعنف فى التصدى لمشكلة العنف، مؤكداً أن الطقس ليس عشوائياً بل يعتمد الأسلوب العلمي، فكل حالة ثأرية تُدرس بشكل جيد، وهو يقوم بشكل أساسى على إجراءات لا يقبلها الإنسان فى الوضع الطبيعي، وتهدف لتطهير القاتل نفسه.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.