مصطفى صادق الرافعى فى ذكرى رحيله.. معاركه مع العقاد
تحل اليوم ذكرى رحيل الأديب مصطفى صادق الرافعى الذى توفى فى 10 مايو من عام 1937 والذى أثرى بحر الأدب بالعديد من إبداعاته الشعرية والنثرية؛ فقد أصدر ديوانه الأول عام 1903 وقد حَظِيَ الديوان بإشادة وإعجاب شعراء عصره، فقد أثنى عليه محمود سامى البارودي وحافظ إبراهيم لكنه اتجه بعدها إلى النثر الفني الأدبي فبرع فيه، حيث قدم العديد من المؤلفات الأدبية والدينية ومن أشهرها “حديث القمر” و”أوراق الورد” و”تحت راية القرآن” و”إعجاز القرآن والبلاغة النبوية”.
أما عن معاركه مع العقاد كانت بداية شرارة أول معركة عندما اتهم العقاد الرافعى بأنه وضع رسالة زعيم الأمة سعد زغلول، التى يصف فيها محاسن ومزايا كتاب الرافعى “إعجاز القرآن” حيث ذكر أن سعد زعلول قال عن الكتاب إنه “تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم” لينتشر الكتاب بين القراء، لكن “العقاد” قال “هذه العبارة من اختراع الرافعي وليست من الزعيم “سعد زغلول”.
وهنا رد مصطفى صادق الرافعى: “هل تظن أن قوة فى الأرض تستطيع أن تسخر سعدًا لقبول ما قال، لولا أن هذا اعتقاده”، ولفت إلى أن سبب هجوم العقاد عليه من الممكن أن يكون بسبب أن “العقاد” كان كاتب الوفد الأول، مما جعل سعد زغلول يطلق عليه “جبار القلم”، وهو ما جعل العقاد لا يقبل أن ينافسه أحد فى حب زعيم الأمة.
وعندما كتب الرافعى نقدًا لشعر أمير الشعراء أحمد شوقى الذى مطلعه “بَني مصرٍ مكانكمُ تهيّا.. فهيّا مَهِّدوا للمُلكِ هيّا”، فى عام 1920م، تصدى العقاد له وكتب مقالة بعنوان “ما هذا يا أبا عمرو؟!”، ونشرها فى الجزء الثاني من “الديوان في الأدب والنقد”، واتهمه بسرقة ما كتبه فى الجزء الأول من “الديوان” في نقد نشيد شوقي، وكانت المقالة شديدة اللهجة قاسية، وساخرة من شخص الرافعى.
لم تتوقف المعركة عند هذا الحد بل شن العقاد عام 1921 هجومًا كبيرًا على الرافعى، وتناول من خلال كتاب الديوان أدب وكتابات “الرافعى” ليجرده من كل مميزاته، مما دفع الرافعى لكتابة العديد من المقالات تحت عنوان “على السفود” خصيصًا للهجوم والرد على كلام عباس محمود العقاد.
وقد نشر أحمد حسن الزيات فى مجلة الرسالة رأى الرافعى الحقيقى فى العقاد حيث قال “أقول الحق، أما العقاد أحترمه وأكرهه لأنه شديد الاعتداد بنفسه قليل الإنصاف لغيره، ولعله أعلم الناس بمكاني في الأدب .. وأحترمه لأنه أديب قد استمسك أداة الأدب وباحث قد استكمل عدة البحث فصَّير عمره على القراءة والكتابة فلا ينفك كتاب وقلم”.
وعندما علم “العقاد” ما قاله الرافعى فى مجالة الرسالة، رد عليه ولكن بعد رحيل الأخير، بثلاث سنوات، بقوله: “إني كتبت عن “الرافعي” مرات أن له أسلوبًا جزلاً، وأن له من بلاغة الإنشاء ما يسلكه في الطبقة الأولى من كتاب العربية المنشئين”.