محمود سامي البارودي.. الرحلة الكاملة لـ رب السيف والقلم
ولد محمود سامي البارودى لأبوين من أصل شركسي وكان أجداده ملتزمي إقطاعية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة نشأ البارودي في أسرة على شيء من الثراء والسلطان، فأبوه كان ضابطا في الجيش المصري برتبة لواء، وعُين مديرا لمدينتي بربر ودنقلة في السودان، ومات هناك وكان محمود سامي البارودى حينئذ في السابعة من عمره.
يعد محمود سامي البارودي أول من كتب مقدمة لديوان شعري في العصر الحديث، ويعرّف الشعر بأنه “لغة خيالية يتألق وميضها في سماوة الفكر فتنبعث أشعتها إلى صحيفة القلب فيفيض بلألأتها نوراً يتصل خيطه بأسلة اللسان فينبعث بألوان من الحكمة ينبلج بها الحالك” أما الشعر الجيد عنده فهو “ما كان قريب المأخذ سليماً من وصمة التكلّف بريئاً من عشوة التعسف غنياً من مراجعة الفكر”، وتكمن وظيفة الشعر عند البارودي في وظيفة “تهذيب النفوس، وتدريب الأفهام وتنبيه الخواطر إلى مكارم الأخلاق”.
وقد تأثر شعر البارودي بالنهضة الأدبية في العصر الحديث والتي أظهرت الاختلافات بين القديم والجديد؛ نتيجة لانتشار الثقافة العربية والاتصال بأوروبا عن طريق زيادة عدد المبتعثين الذين تخصصوا في فروع الأدب في الجامعات الغربية.
بعد الثورة العرابية نفى بمدينة كولومبو عاصمة سيريلانكا حاليا أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه، وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية، وطوال هذه الفترة نضم قصائده الخالدة، التي يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فقرر عودته إلى وطنه مصر للعلاج، فعاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر 1899.
بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم أحمد شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم “مدرسة الإحياء” وتوفي البارودي في 12 ديسمبر 1904.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.