على الكسار يتحدث: كيف أضحك الناس؟.. فى أول عدد لـ الكواكب 1932
البحث في أرشيف الصحف القديمة يكشف عن إبداعات مهمة تتعلق بالنجوم والكتاب الذين أحببنا أعمالهم، ورغم مضي السنين لا نزال نتتبع إبدعاتهم، ومن ذلك ما قاله الفنان الكبير على الكسار في العدد الأول من مجلة الكواكب، وهو العدد الذي صدر يوم الاثنين 28 مارس من سنة 1932.
قال على الكسار تحت عنوان “كيف أضحك الناس”: إننى أعتمد قبل كل شيء على حركات العينين فى إضحاك الناس، فالممثل الذى لا يعتمد على عينيه لا يمكن أن يوفق إلى إضحاك الناس، ولكى أبرهن لك على صحة ذلك أرجو أن تتخيل ممثلا يتكلم وهو يعطى ظهره إلى الناس، هل تظن أنه يضحك أحدا مهما كان ظريفا وخفيف الظل فى كلامه؟.
ويرجع اختيارى لشخصيه البربرى إلى عام 1916، إذ كنت أشتغل قبل ذلك مع جورج دخول الذى اخترع شخصية كامل الأصلى، وقد كان يعمد إلى إضحاك الناس على اللهجة السورية التى كان يلقى بها كلماته، ولكن حدث فى ذلك العام أنى كنت مشتركا مع مصطفى أفندى أمين فى العمل وفكرنا فى إخراج قصة عنوانها “حسن أبو على سرق المعزة” فاخترت لنفسى شخصية خادم بربرى اعتقادا منى بأن هذه الشخصية “غنية” يستطيع الممثل أن يجد فيها مجالا واسعا للعمل والابتكار ، ولم يكن أحد من الممثلين المصريين قد مثل شخصية البربرى قبل ذلك، فوجدت أنى استطيع أن أستغل بلاهة البربرى كعنصر أساسى من عناصر الإضحاك، كما أن هناك نواحى أخرى من هذه الشخصية لا تخيب فى إضحاك الناس، ويكفى لذلك أن يعمد البربرى إلى الخبث والمؤامره رغم بلاهته وسذاجته وأن تشتد به ثوره الغضب لكرامته وتظهر “زربونته” ويجدر بى أن أذكر لك أن الممثل الفرنسى الكبير دينى دنيتى عندما زار مسرحى قرر أننى أمتاز وأنا أمثل على خشبة المسرح بأننى أشتغل فى نفس الوقت مع الجمهور الذى جاء ليشهدنى.
فأنا أحرص دائما على أن تكون الصلة بينى وبين الصالة قوية ومستمرة، فإذا اتضح لى أن الكلام الذى وضعه المؤلف على لسانى لم يوفق فى إضحاك الناس فإننى لن أتردد فى أن أرتجل ما أعتقد أنه يضحكهم، من ذلك أننى كنت أمثل فى رواية “أبو فصادة” وكان على أن أقول عن شخصية امرأة فى الرواية تدعى “فينيس” فى نص جملة منقولة عن روايه “تسيا” “فينيس.. إنها امراه تعشق بل تعبد” ولكن كلما قلتها لا أقابل إلا بصمت الجمهور صمتا مؤلما، وأخيرا حدث أننى قلت فى ذلك الموقف نفسه “فينس.. وبدلا من أن أكملها أنها امرأة تعشق بل تعبد، قلت من عندى “فينس.. فينس النس كوتيس” وضحك الناس، ومن تلك الليلة أضفت هذه الجملة على دورى فى رواية “أبو فصادة” بدلا من الجمله التى وضعها المؤلف، وهكذا ترانى أتحسس موضع الغبطة من نفس الجمهور، فإذا لمست هذا الموضع اتفقت أورى زناده حتى أبلغ من هذا الجمهور بغيتى التى هى نفس بغيته.