حاصد جائزة إيمي العالمية: لا شيء أهم من الواقع كمصدر لبناء الخيال فى الأفلام
قدم الفنان ماريو بريوسكي الحاصل على جائزة إيمي العالمية، والمشرف الرئيسي على المؤثرات البصرية لعدة أفلام ضخمة منها (Star Trek: Beyound) و(Wonder Woman) و(Avengers: Infinity Wars)، خلاصة تجربته في عالم الأفلام والمؤثرات البصرية التي امتدت لقرابة عشرين عاماً من العمل في التلفزيون الإيطالي وكبرى شركات الإنتاج والمؤثرات الأشهر في مجال المؤثرات البصرية والرسوم المتحركة.
استهل بريوسكي ورشته بالتطرق إلى أهمية ودور المؤثرات البصرية VFX التي تستخدم في الأفلام لسرد القصة، مطلقاً عليها تعبير “الفن الخفي” لأنها تخدع عين المشاهد وتقنعه بأن ما يراه حقيقة واقعية، وقدم أول نصائحه للمشاركين في الورشة، فائلاً: “المؤثرات البصرية الجيدة هي التي لا ينتبه المشاهد إليها أثناء مشاهدة الفيلم، والتي تقنعه بأنها جزء من القصة التي يرويها الفيلم”.
وعرض بريوسكي عدداً من الصور والمقاطع المصورة تبين حرفية عملية بناء موقع مسلسل “بيت التنين”، كاشفاً أن هذه المواقع تضمنت نماذج واقعية لقلاع في أسبانيا، لاستلهام شكل القلعة التي شكلت إمبراطورية للتنانين، مؤكداً أن “الواقع هو مصدر المعلومات ومنبع الإلهام”.
وتطرق لضرورة الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة عند تكوين النموذج الرئيسي للفيلم، مقدماً بيوت (King’s Landing)، عاصمة الممالك السبعة في مسلسل “بيت التنين”، كمثال، وأضاف: “أولينا اهتماماً بأصغر التفاصيل كالبيوت والأشجار والحوانيت والأدوات اليومية التي يستخدمها سكان هذه العاصمة الخيالية، بالإضافة إلى التنانين ونظراتهم وحركاتهم والطريقة التي يحلقون فيها، وحرصنا كفناني (VFX) على أن تبدو التنانين كأنها حيوانات عادية وليست خيالية، بالاستخدام الأمثل للمؤثرات البصرية”.
وانتقل بريوسكي إلى التلوين والاستخدام الأمثل للإضاءة والظل، وعرض المشهد الافتتاحي للمسلسل الذي يطير تنين في سماء ملبدة بالغيوم، بينما من بعيد يبدو الضوء ساطعاً، ما يعطي انطباعاً قويا للمتلقي عما سيراه في المشهد التالي، وتحديداً حين يستقر التنين ويهبط في القلعة أعلى التلة، مشيراً إلى أن تلك المؤثرات تهيئ المتلقي تماماً، وتعتبر أداة أساسية موازية لسرد القصة.
وقال بريوسكي: “إن أصعب مرحلة واجهها صناع المسلسل كانت استخدام الإضاءة والتلوين، لأن معظم المشاهد كانت داخل قلعة التنانين التي تنفث النيران باستمرار لكن الظلام هو صاحب الحضور الأقوى، ولهذا عبّر عنها بـ”الرسم في الظلام” (Painting in Darkness)، واستشهد بلوحات عالمية لرامبرانت وكارفاجيو تستخدم هذه التقنية في الرسم لإضفاء عمق على السرد القصصي.
وأكد بريوسكي أن أكبر تحد واجه المسئولين عن المؤثرات البصرية في المسلسل هو إضفاء هوية مميزة لكل تنين، من لحظة وضع أمه البيض في السرير، إلى أن تفقس ويولد التنين ويكبر، وتتشكل شخصيته، إلى جانب تحدي ترسيخ شخصية كل تنين بحيث لا يفقد أحدهم سماته المميزة وسط كل هذه الأعداد، موضحاً أن وجود فريق عمل متعاون ومبدع، وشركة إنتاج داعمة، وعميل متفهم، أسهمت بالتغلب على هذه التحديات، ونجاح المسلسل.
وفي نهاية الورشة، أكد بريوسكي لجميع العاملين في مجال المؤثرات البصرية الراغبين بتحقيق النجاح ضرورة الموازنة بين مختلف العناصر لإنتاج عمل متميز وناجح منذ الخطوة الأولى في المشروع، والتي يقوم الفنانون فيها برسم صور ومشاهد الفيلم التي يصعب تصويرها في الواقع باستخدام الحاسوب (CGI)، تليها خطوة الرسم اليدوي لبعض المؤثرات البصرية (Matte Painting)، ثم عملية التركيب (Compositing) التي تدمج الصور لخلق مشهد حي، وضبط درجات الألوان لتحقيق التأثير المطلوب، لأن كل لقطة مؤثرات بصرية في الفيلم، يجب أن تروي قصةً موازية، وفق تعبيره.