جماليات السرد الشعرى.. كتاب لـ السعيد المصرى يناقش شعرية جرافيتى الجدرايات
يصدر قريبًا كتاب رؤية وقراءة نقدية للشاعر السعيد المصري حول: “جمـالـيات السـرد الشعـرى وتفـاصـيله فى «جداريات» سعيد شحاتة الشعرية”، حيث اتسمت الجداريات: «للأنبيا حواديـت»، و«للطيــبين أمـــثال»، و«ادخل ما تخافش»، و«شجـــر النبـــي»، بالطابع التسجيلى فى بناء الأحداث ورسم جرافيتى لملامح الشخصيات أبرزت العلاقة بين الواقع والخيال والوعى واللاوعى والمألوف واللا مألوف، كما كشفت بوضوح عن موقف الشاعر سعيد شحاتة تجاه الوسط المحيط به، وقضايا الإنسان المعاصر، ومن ثم رؤيته المعرفية والفكرية تجاه الموت والحياة والكون عامة، أخذ الموت على اثرها محور الأحداث بما يتفق مع موقف الشاعر نفسه من ناحية، والاتجاه التسجيلى من ناحية أخرى.
نصوص الجداريات الأربعة انصهرت فيها روح الشاعر مع أشخاص بعينها وتفاصيل بيئته وهى تحلق مرتجفة بين الموت والحياة، لتكون سيرة لحياته بأسرها، فلقد جاء التكوين الفنى لهذه الجداريات معتمدا على المقاطع الشعرية الطويلة المقفاة، وكأن الشاعر تعمد الاسترسال فى نصوصه الغنائية الملحمية، مانحا نفسه حرية التجاوب مع ما يجيش فى وجدانه حول حياته وشعره، فى نسيج شعرى يغوص بنا مرة فى لحم الواقع ومرة يحلق فى شفافية الحقائق المجردة.
كما يستخدم الشاعر بمهارة تقنية «التناص» مع النصوص الشعبية والتراثية والصوفية بشكل يجعل نصه أشبه بنص موسيقى، تتحاور فيه الألة الموسيقية مع الأوركسترا، لخلق حالة للتوحد مع المكان والزمان، واستنطاق النص فى كل تشكيلاته الفنية من صور ومشهديه وتركيبات لغوية، وكذلك الإيقاع كأحد المرتكزات الرئيسية فى بنية النص الشعرى وإنتاج الدلالة.
وفى ضوء ما سبق، تعد نصوص الجداريات الأربعة، دعوة مبطنة لمقاومة الضعف والاستسلام والضعف للخروج إلى مرحلة الفعل، ومواجهة الأسئلة التى يطرحها علينا واقعنا من خلال مواقف مختلفة كل لحظة، ومواجهة الأسئلة التى يطرحها علينا وجودنا نفسه برؤية فنية جمالية.
كما يهيمن على روح الشاعر فى جدارياته الشعرية الأربع نوع من الحزن القاتم المرير الذى يمزق أعماقه، لتبرز نبرة البوح الغنائية والحكى السردى، المغموسة فى شجن يشف عن أوجاع ذات عميقة الحزن، يخيل إليك وأنت تستمع إلى بثها أنها تصدر عن ذات جمعية موغلة فى الأسى، يأكلها الشعور بالاغتراب، ويزيد من أساها الحنين إلى الالتئام حين يبدو الوعد بعيدًا جدًا، لا ظل هنا لذاتية معزولة إنما هو نشيد حزن جماعي ينطلق من ربابة عتيقة الأوتار، ضاربة فى جذور الأرض، وهو ما نلاحظه فى معجم الشاعر اللغوى، الذى جاء معبراً عن عدم انسجامه مع العالم وتمزقه الداخلى، فيكتب قصائده مهتديا بصوته الداخلي، لتقديم رؤيته الفنية والجمالية، التي تتحدث بالرمـز وتتحرك الأسطورة لتصنع عالمًا فريدًا.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور العتيبي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.