إلى أين أيتها القصيدة.. تعرف على كتاب الشاعر جعفر العلاق الفائز بجائزة زايد
حصل الشاعر العراقي الكبير على جعفر العلاق على جائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب لعام 2023، عن كتابه “إلى أين أيتها القصيدة؟ سيرة ذاتية”، الصادر عام 2020، عن دار الشؤون الثقافية التابعة لوزارة الثقافة في العراق ودار ناشرون الأردنية.
والكتاب عبارة عن سيرة ذاتية تجمع أطراف رحلة ممتعة وشاقة مع القصيدة والسؤال الذي لا جواب له، يتحدث فيها الكاتب عن ذكريات الطفولة، النزوح من القرية، تجربة اليتم بعد موت الأب، اكتشاف الشعر مبكرا، الارتباط الوجدانى بالأم، الاتصالات بالمجلات الثقافية، وكتب الأدب والنقد، وجيل الستينيات الذى عايشه دون أن يتورط فى دعاواه ومواقفه الأيديولوجية، والسفر للدراسة وتوسيع الخيار الجمالى للشعر بين دمشق وبيروت والقاهرة وصنعاء والعين وإكستر ولندن.
ويتقاطع مع هذه السيرة الثرية المتشابكة، نسيج متنوع، وساحر، ومفجع، من وقائع التاريخ الجمعى الذى انطفأ فى لحظة، وتريد الذات تأمله، بما ينغلق عليه من بقايا صوره وهوامشه، ومسارح قاسية وفواجع، حياة الغجر، فاجعة كربلاء، تبدل القيم، اندحار الحاضر، وجشع السلطة، وخيانة المثقفين.
ويستدعي العلّاق كذلك ذكرياته مع الأشخاص الذين أثّروا في حياته، جاعلًا منهم أبطالًا من لحم ودم، ممتلئين بالحياة، كما لو أنه ينقل ذكريات طازجة لم تمر عليها سنوات طويلة. يقول في أحد المقاطع: “ما زلت أتخيل ذلك المعلم، وكان اسمه (مالك) على ما أذكر، الذي ترك على دفتر الإنشاء مساحة من الفرح لا تنسى، وكنت حينها في الصف الخامس الابتدائي. وبعد سنوات التقيته مصادفة. كان قد كبر كثيرًا بينما كنت في ذروة الشباب؛ أعمل في ذلك الوقت رئيسًا لتحرير مجلة الأقلام. حاولت مازحًا تذكيره بنبوءته القديمة.، لم يتذكّرْها بالطبع كما كنت أتذكّرها أنا، لكنه ابتسم بلطفٍ، فرحًا بما وصل إليه طالبٌ كان واحدًا من طلابه البارزين ذات يوم”.
إلى أين أيتها القصيدة
ويحضر المكان في الكتاب دائمًا بوصفه حاملًا للذكريات وللشخوص، وقد جعله العلّاق ضاجًّا بالحياة، ممتزجًا بإسقاطات اجتماعية وتاريخية، الأمر الذي أسهم في تلاشي المسافات بين الكاتب وقارئه. يقول الشاعر واصفًا الحيّ الذي عاش فيه جزءًا من طفولته: “كنا نسكن في شارع متواضعٍ يقع قريبًا من منطقة (5)، كنا جزءًا منها وطارئين عليها في الوقت ذاته. يجمعنا بها جوارٌ جغرافيٌّ قلق. مجموعة من البيوت البسيطة في أرضٍ خاليةٍ من المُشيّدات. أما طبقيًّا، فلم نكنْ قادرين على الانتماء إليها. كان يجمعنا بسكانها غبار النهار، وتفرّقنا عنهم أشياء كثيرة: الليل الخاصُّ، والملابس الأنيقة، والسيارات اللامعة، والورد الذي يسترخي على الأسيجة. كانت من مناطق بغداد الراقية، في الخمسينات والستينات”.