أفضل 6 تقنيات مستخدمة لوضع حدود شخصية للآخرين

سنستعرض في هذا المقال مجموعةً من أفضل التقنيات والأساليب لوضع حدود شخصية مع الآخرين، وسنتناول كيفية التعرف على حدودك الشخصية، وكيفية التعبير عنها بوضوح دون شعور بالذنب أو الخوف. كما سنناقش كيفية التعامل مع الأشخاص الذين قد يتجاهلون تلك الحدود، واستراتيجيات الحفاظ على تلك الحدود في مواجهة التحديات.
ما هي الحدود الشخصية الواجب وضعها؟
قبل أن نتناول الطرائق والخطوات اللازمة لوضع حدود مع أفراد الأسرة الصعبين والمتطفلين في شؤونك الخاصة، من الهامّ أولاً أن نفهم مفهوم الحدود الصحية وما تعنيه لك. تُعد هذه الحدود ضرورية في جميع أنواع العلاقات، سواء كانت مع زملاء العمل، أو أصدقاء، أو أفراد العائلة؛ إذ إنّ التحديد الواضح لما تَعدّه سلوكاً مقبولاً هو أمر حيوي للحفاظ على صحتك العقلية والشخصية.
تبدأ الحدود الشخصية الصحية من خلال تحديد السلوكات والخصائص التي تشعرك بالراحة مقابل تلك التي تسبب لك عدم الارتياح أو الحساسية. إذا كانت تصرفات أحد أفراد الأسرة المتطفلين تُشعرك بالقلق النفسي، أو الحزن، أو الإحراج، فقد حان الوقت لوضع تلك الحدود.
تتضمن فوائد وضع حدود شخصية مع أفراد الأسرة الحفاظ على سلامتك النفسية والعقلية، وتعزيز احترامك الذاتي، بالإضافة إلى تمكينك من توصيل احتياجاتك بوضوح في العلاقات. كما تتيح لك تخصيص الوقت والمساحة في حياتك للتفاعلات الإيجابية. عادةً ما تكون العلاقات مع أفراد الأسرة هي الأكثر قيمة وأهمية في حياة الشخص، بغض النظر عن العمر. لذلك، يُعد وضع حدود لتعزيز علاقة عائلية صحية أمراً حيوياً لرفاهيتك العقلية، والعاطفية، والاجتماعية عامةً.
كيف نضع حدود شخصية للأشخاص الذين يحيطون بنا دون احراجهم؟
ليس من السهل دائماً قطع العلاقات مع الأشخاص الذين يتجاوزون حدودهم في التعامل معنا، وخاصةً إذا كانوا من أقارب الزوج أو الزوجة، أو زملاء في العمل، أو أفراد من العائلة. لذلك، من الضروري أن نبدأ في بناء حدود صحية تعزز سلامتنا النفسية وتحمي خصوصيتنا. تساعد هذه الحدود في تجنب تراكم الغضب والنزاعات مع الآخرين، وتمنعنا من التضحية بعلاقاتنا إلى حد يجعلنا ضحايا للاستغلال. لذا، لا تتردد في اتباع النصائح التالية لوضع حدود فعّالة مع الآخرين:
1. اعرف حدودك قبل كل شيء
غالباً ما نفكر في وضع حدود للآخرين فقط عندما نشعر بالضيق، لكن الحدود ليست مجرد أسلوب لحماية أنفسنا من الأشخاص السلبيين؛ بل هي أنظمة داخلية تنبهنا إلى خطر الإرهاق العاطفي والنفسي، سواءٌ كان ذلك مع العائلة أو الأصدقاء، وتساعد في الحفاظ على صحة علاقاتنا في المنزل والعمل. تُبنى حدودنا على أساس مبادئنا وتجاربنا وتقاليدنا، وتختلف من شخص لآخر. هناك خمسة أنواع رئيسة من الحدود: البدنية، الجنسية، الفكرية، والعاطفية، والمالية.
تحدد الحدود البدنية مدى قبولك للمسات والعناق والقبلات في الأماكن العامة، بينما تتعلق الحدود الفكرية بأفكارك ومعتقداتك الشخصية. أما الحدود العاطفية، فتشير إلى رغبتك أو عدم رغبتك في مشاركة مشاعرك مع شخص معين. أخيراً، تشمل الحدود المالية الأمور المتعلقة بسؤالك عن راتبك وكيفية إنفاق أموالك، وصولاً إلى طلب المال من الآخرين. من خلال فهم هذه الأنواع المختلفة من الحدود، يمكنك تعزيز علاقاتك وحماية صحتك النفسية.
شاهد بالفيديو: 5 خطوات لوضع حدود شخصية لنفسك
2. اعرف حقوقك
لتحديد الحدود الشخصية، ابدأ بتحديد عشر قيم هامّة بالنسبة لك، مثل عدم السماح باللمس دون إذن، أو منح الحقوق لأصحابها، أو رفض التنمر، أو احترام أوقات فراغك بعيداً عن العمل. فكّر في عدد المرات التي تعرضت فيها هذه القيم للانتهاك، فهذا سيساعدك على فهم الحدود التي تحتاج إلى بنائها.
إنّ معرفة حقوقك الأساسية تُعزز قدرتك على رسم الخطوط العريضة لعلاقاتك. لديك الحق في المعاملة باحترام، والحق في قول “لا” دون شعور بالذنب، والحق في الاهتمام باحتياجاتك الشخصية كما تهتم باحتياجات الآخرين، والحق في عدم تلبية توقعات الآخرين بالكامل.
تشمل هذه الحقوق أيضاً حدودك الجسدية؛ فلا يحق لشخص غريب الاقتراب منك لأكثر من متر، ويُقاس ذلك بمسافة مد ذراعك. كما يجب أن تعرف أنه لا يحق لأي قريب إثارة مواضيع جدلية تهدف إلى استفزازك لإبداء رأي يتعارض مع آراء بقية العائلة. من خلال وضع هذه الحدود، يمكنك حماية نفسك وتعزيز العلاقات الصحية.
3. حدد حدودك ببطء
لا تتسرع في تحديد حدودك بناءً على مشاعر الغضب أو الكراهية، لأنّ ذلك قد يجعلك تتجه نحو نقيض ما ترغب فيه، مما يشكل عبئاً ثقيلاً عليك وعلى الآخرين. بدلاً من ذلك، خذْ وقتك للتأمل في حياتك وفهم أهمية كل حد بالنسبة لك. حاول استرجاع المرات التي انتهيت فيها من لقاء مع الأصدقاء أو الأقارب أو زملاء العمل، وشعرت بضيق غير مبرر، لتكتشف أين تم تجاوز الحدود دون أن تدرك السبب.
سيمكّنك هذا التدبُّر من وضع حدود صحية ومتوازنة، والبناء عليها تدريجياً. ستساعدك هذه العملية في التأكد مما إذا كنت تسير في الاتجاه الصحيح أو إذا كنت بحاجة إلى إجراء تعديلات. كما سيسهل عليك التمسُّك بهذه الحدود، بدلاً من إنشاء أسوار عالية وهشة قد تنفر الناس من حولك وتجعل من الصعب عليك حمايتها.
4. كنْ حازماً
عندما ينتهك شخص ما حدودك، فإنّ ذلك قد يعود إما لعدم وضوح تلك الحدود أو لرغبته في مضايقتك. لذا، من الضروري أن نكون واضحين وحازمين في تعبيرنا عن احتياجاتنا. يمكنك البدء باستخدام عبارات واضحة، مثل: “أشعر بالضيق عندما يتصرَّف شخص ما بهذا التصرُّف، لأنّه يتعارض مع مبادئي وخصوصياتي. ما أحتاجه منك هو عدم التصرف بهذه الطريقة”.
تُظهر هذه العبارات ثقتك بنفسك، وتعبر عن أفكارك ومشاعرك بطريقة حازمة ولطيفة، دون لوم أو تهديد للآخر. كما تمنح الشخص الآخر فرصة لمراجعة سلوكه إذا كان حسن النية، وتتيح لك أيضاً مراقبة سلوكه لاحقاً لتحديد نواياه في التقرب منك. من خلال هذه الطريقة، يمكنك بناء علاقات أكثر صحة وتفاهماً.
5. تعلم أن تقول “لا”
إنّ الشخص الذي يحترم حدوده وقدراته غالباً ما يتعرض لكثير من الانتقادات؛ حيث يُعتبر أنانياً أو مشغولاً بنفسه، أو يُنظر إليه على أنّه صعب المراس، وخاصةً إذا كان يرفض طلبات الآخرين. هذا الانتقاد لا يعدو كونه محاولةٌ من الآخرين لتحطيم حدودك وزعزعة مبادئك، مما يدفعك للشعور بالضغط لقبول الطلبات بدافع الخجل أو العادة، وخاصةً إذا كنت قد اعتدت على قول “نعم” منذ طفولتك.
إنّ العيش من دون قول “لا”، يشبه العيش كخادم يلبي رغبات الآخرين؛ حيث يطلبون منك أشياء قد لا تكون ضمن أولوياتك، مما يجعل من الصعب عليك الرفض، خصوصاً عندما تكون على حافة الإجهاد الجسدي والنفسي. في مثل هذه اللحظات، قد تشعر بالذنب إذا لم تتمكن من تلبية متطلباتهم على حساب سلامتك.
مع ذلك، يجب أن تتذكر أن رفض الطلبات التي تتجاوز حدودك ليس تصرفاً وقحاً. يقترح الخبراء استخدام تقنية “الشطيرة” عند الرفض؛ حيث تبدأ وتنهي جملتك بشيء إيجابي وتدرج عبارة الرفض في المنتصف. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “أتمنى لو أستطيع أداء العمل بدلاً منك، لكن للأسف لن يسمح لي وقتي بذلك. أتمنى لك إجازة سعيدة مع الأسرة والأولاد”. بهذه الطريقة، يمكنك الحفاظ على حدودك بطريقة لطيفة ومهنية.
6. احترم مشاعرك
كم من مرة غادرنا فيها مكاناً بعد نقاش مع مقربين، وشعرنا بضيق دون أن نفهم السبب، مما يدفعنا في بعض الأحيان إلى لوم أنفسنا على المبالغة أو الحساسية؟ هذه هي إشارات حدسنا؛ حيث تنبهنا غرائزنا إلى انتهاك حدودنا أو الحاجة لبناء حدود جديدة لحماية أنفسنا من الإهانة.
تَظهر هذه الإشارات الجسدية في شكل ارتفاع معدل ضربات القلب، أو التعرُّق الزائد، أو ضيق التنفس، أو اضطرابات في المعدة، بالإضافة إلى حركات، مثل فرك الكفين أو الضغط على الأسنان، وأحياناً حتى نزيف الأنف أو شعورٌ بالانفصال عن الواقع. تدل هذه العلامات على أنّ أجسادنا تحتاج إلى مزيد من الحب والاعتناء بأنفسنا.
إذا شعرت أنّ صوتك الداخلي يخبرك بأنّك تبالغ ولا تستحق احترام الآخرين لحدودك، فقاوم هذا الصوت. انخرط في أنشطة تزيد من سعادتك، مثل الجري أو الغناء أو أي نشاط آخر تحبه؛ إذ ستساعدك هذه الأنشطة على رفع مستويات هرمونات السعادة وتعزيز التفكير الإيجابي داخلك، مما يسهم في تعزيز احترامك لذاتك واحتياجاتك.
في الختام
إنّ وضع حدود شخصية هو خطوة أساسية لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الصحية. من خلال استخدام التقنيات التي تم تناولها، يمكن لكل فرد أن يتعلم كيفية التعبير عن احتياجاته بوضوح، ورفض الطلبات غير المناسبة، والحفاظ على توازن صحي في حياته.
إنّ بناء حدود فعّالة ليس فقط يحميك من الاستغلال؛ بل يعزز أيضاً احترام الذات ويقوي العلاقات مع الآخرين. تذكّر أنّ الحدود الصحية تعكس قيمك وتساعد في خلق بيئة إيجابية تدعم رفاهيتك. لذا، ابدأ اليوم بتطبيق هذه التقنيات، ولا تتردد في إعادة تقييم حدودك بانتظام لضمان توافقها مع تطورات حياتك.